الإسلامُ السِّياسيُّ فيروسٌ قاتِلٌ أصابَ المُسلمينَ قبلَ أن يُصيبَ الأدْيانَ والأوْطانَ
هل تَبْحثُ عَن دَوْلةٍ فاشِلةٍ؟ الأمْرُ هَيِّنٌ وبَسيط، إجْمَعْ بَين الدِّينِ والسّياسَةِ

وأعُودُ بالأيَّامِ إلى الأيَّامِ... وأيّامُهُم والأيّامُ...، نَنظُرُ فِي أيَّامِنَا وأحْوالِ العِراقِ والعَرَبِ ونَرَى كيفَ يُفَكِّرُ الرِّجالُ وتَبدو النِّساءُ كالرّجالِ، وعمليّاتُ التّجْميلِ التي قتلتْ كلَّ طبِيعيٍّ وأصيلٍ وَزَانٍ، ونُفِخَتِ الشِّفاهُ، وقُطِّعَتِ الأُنُوفُ، وحُقِنَتِ المُؤخِّراتُ، وزُرِعَ الشَّعْرُ، ورُكِّبَتِ الأسْنانُ، ولُوِّنَتِ العُيُونُ وكُحِّلَتْ... فَتَشابَهَ الجّميعُ!! وماتَتْ أغصَانُ البَانِ وأخْتَفى الرَّبيعُ!! وأصْبَحَتْ مِنَ مُعْجِزاتِ السَّمَاءِ أنْ يُمَيّزَ الرَّجُلُ حَبيبَتَهُ أو زَوْجَتَهُ بَيْنَ النِّساءِ، فإنْ جُنَّ أو غابَ عَنِ الوَعْيِ أو كانَ فِي تَحَدٍّ ورِهانٍ أو نَسِيَ أو سُحِرَ وأرادَ سَهْوَاً أنْ يُقَبِّلَهَا أو "مُغْرَمَاً أو مُكْرَهَاً" أنْ يُطارِحَهَا الغَرامَ لإظْهارِ الوَلاءِ والوَفاءِ، تأكَّدَ أوَّلاً أنَّهَا زَوْجَتُهُ مِنْ عَلامَةٍ فِي الجَّسَدِ أو تَخْمِينٍ أو تَرْكيزٍ أو دِراسَةٍ أو "كودٍ" أو كَلِمَاتِ سِرٍّ وأرْقامٍ

لا يُصَدَّقُ إنِّي أتَحَدَّثُ وأكْتُبُ عَنْ نَفْسِ الأرْضِ والجُّغرافيا والبَلَدِ وذاتِ الخَليقَةِ والبَشَرِ والإنْسانِ!! بَلْ هِيَ الأحْداثُ إذا إنْقَلَبَتْ بِغَدْرِ الزَّمَانِ...، ومُرُّ الحَقيقَةِ ومَرَارُها أُدَوِّنُهَا بِقَلَمِي قَبْلَ أنْ تَمُرَّ العُقُودُ والسِّنونَ فَأكْبُرَ وتَبْدَأُ لُعْبَةُ النِّسْيانِ


"مازن لِن، من كتاب "السّماءُ والأرْضُ

 

Iran and the Curse of the Demon
إيرانُ ولَعْنَةُ الشّيْطانِ
لَعْنَةُ الجُغرافيا السّياسيّةِ والعِمامَةِ الإيرانيّةِ
رِحْلَةٌ فِي أسْرارِ عِلْمِ الإجْتِماعِ وفُصُولِهِ السّياسّةِ
العِراقُ والعَرَبُ والغَرْبُ والجِنُّ والجَانُّ
كان "ما" كان

 

Mazin Linn
بِقَلم: مازن لِن

 

أرسلَ اللهُ الملكَ الصّالحَ فيصل الثاني هِبَةً للعِراقِيّين، والعِراقِيّون للمُلكوكِ الصّالحينَ يُهَلّلون، وعاشَ الجّميعُ في رَخاءٍ وسَلام، وفي البَدْءِ كانَتِ الكلِمَة، والكَلِمةُ سَلام، وكانَ العِراقِيّونَ بِكَوْنِهِم عِراقِيّونّ يَفتَخِرون، سُومَريّونَ، بابليّونَ، مُثقّفونَ، مُتَعَلّمونَ، والعِراقِيّون للمَلِكِ الرّاقِي يُهَلّلون، والصُّوَرَ يَرفَعون، إنّهُ فيصَل الأوّل، إنّهُ غازي، إنّهُ فيصَل الثّانِي، إنّهُ يَستَحِقّ، والمُلُوكُ يَسْتَحِقّون. ثمّ "رَفَضَ" العِراقِيّون هِبَةَ اللهِ وخانُو المَلِكَ المَحْبوبَ وقَتلوُه، وهم لِخائِنِهِ وقاتِلِهِ يُهَلّلون! كانو يُهَلّلونَ للمَلِكِ وهُم، أنفُسُهُم، لِقاتِلِ المَلِكِ يُهَلّلون!! لا تَسْألْ! فإنْ أرَدْتَ أنْ تَفْهَمَ "فِرَقَ" و "طَوائِفَ" العِراقِيّينَ وكيف يُفَكِّرون فعَلَيْكَ أنْ تَقرأَ تأريخَ أرْضِ إبراهيمَ ويُونانَ والأدْيانِ والحَضَاراتِ والأعْراق، وعَلَيْكَ أيْضاً أنْ تَكونَ باحِثاً في عِلْمِ الإجْتِماعِ وسُلُوكِ الشُّعوبِ والمُجْتَمَعَاتِ، وأيْضاً، للأسَف، عَلَيْكَ أنْ تَكونَ دارِساً ومُتَعَمِّقاً لِتأرِيخِ أرْضِ الأنقِلاباتِ والشَّقاقِ والنِّفاقِ! إذَنْ، هِيَ خَمسِينّياتُ العَرَبِ ومَعَها إنْطَلَقَ قِطارُ الإنقِلاباتِ فِي الشَّرْقِ...، قِطارٌ سَريعٌ دُونَ مَحَطّاتٍ، مِنْ مِصْر المَحْرُوسَةِ كِتابِ البِداياتِ والحَضَاراتِ، لِتَصِلَ العِراقَ أرْضَ إبراهيمَ وثانِيَ السُّلالاتِ، ومِنْها إلى أوْطانٍ ومَلَكيّاتٍ... قِطارٌ وإعْصارٌ شَوَّهَ تأريخاً ومُجْتَمَعاتٍ! وقَدْ حانَ دَوْرُ دِجْلَةَ والفُراتِ، بَعْدَ ذِهابِ مِصر وفاروقَ وبُكاءِ النّيلِ والأميراتِ، وحُرُوبٍ ومُؤآمَراتٍ، ومَرَّتْ سَنَواتٌ...، وتآمَرَ عَبدُ النّاصِر معَ عُمَلاءٍ ولصوصٍ وسُرّاقٍ في الجّيْشِ العِراقِيِّ، والعِراقُ، فِي الخمسينيّاتِ، كانَ الأقْوَى والأبْهى والأرْقى في الجَّسَدِ العَرَبِيّ، وأُسِّسَ على آمَالِ المَلِكِ المُؤَسِّسِ فيصَل الأوّلِ رَحِمَهُ اللهُ والذي أقْسَمَ معَ صَديقِهِ المُقَرَّبِ الزَّعيمِ التُّرْكِي أتاتورك على أن يَجْعَلا العِراقَ وتُركيا الأجْمَلَ والأرْقى والأقْوى فِي بِلادِ الشَّرْقِ بِتَوْءَمَةٍ سِياسيّةٍ وإجْتِماعيّةٍ دُونَ أنْ تُشَوِّهَ عُرُوبَةَ العِراقِ، وكانَ ذلِكَ فِي العِشرينيّاتِ، وكانَ يُمْكِنُ أنْ تُخْتَمَ تِلْكَ التَّوْءَمَةُ بِزَواجِ الحَفيدِ الحَبيبِ فيصَل الثّانِي بِفاضِلَة إبراهيم سُلطان حَسْناءِ تُركيا وجَميلَةِ مِصْر وباريسِ وألبانيا فِي الخمسينيّاتِ، لكِنَّ الإنْقلابَ وشُؤْمَهِ أنْهى الأمَلَ والآمالَ! وأبْقى فِي الخمسينيّاتِ... كانَ شَعْبُ العِراقِ قَبْلَ 1958 هُوَ الأكْثَرُ ثَقافَةً وعِلْماً وأناقَةً، وجَيْشُهُ الأكْثَرُ قُوَّةً فِي الشَرْقِ حِينَ أسَّسَهُ المُلوكُ الصّالِحونَ وسَهِرَ على تَطْوِيرِهِ الشّريفُ عبد الإلهِ الهاشِمِيّ المُحِبُّ لِبَلَدِهِ وشَعْبِهِ وَهوَ خالُ المَلِكِ فَيصَل الثّانِي وشَقيقُ المَلِكَةِ عالية، الأُمُّ الحَزينَةُ ومَلِكَةُ الدُّمُوعِ والأحْزانِ...، جَيْشٌ أُسِّسَ على حُبِّ الوَطَنِ والمَلِكِ وحِمايَةِ الشَّعْبِ والأصْدِقاءَ والجّيرانِ، كَما كان في 1973 وكَما قالَها الرَّئيسُ المِصْرِيُّ السّاداتُ عَلَناً مَعَ شُكْرِهِ والإمْتِنانِ. لكِنَّ فِي كُلِّ جَيْشٍ لا بُدَّ وأنْ يَكونَ خائِنٌ وخُوّان، ولَمْ يَعْلَمَ الأميرُ الوَصِيُّ بأنَّ الجَّيْشَ الذي بَنَاهُ وأحَبَّهُ هُوَ الذي سَيَحْرُقَ جُثَّتَهُ بِكُلِّ وَحْشيّةٍ وهَمَجيّةٍ عُرِفَ بِهَا "الأكثَريّةُ وليْسَ الكُلُّ" مِنْ شِيعَةِ العِراقِ! والعِراقُ، حِينَها، كان ما كان...، نَجْمَةُ الصَّباحِ، نَدى المَطَرِ ونَسِيمُ الرِّياحِ، الحُبُّ والجَّمالُ والغَرامُ، جَمالُ النِّساءِ والأُنوثَةِ والليالِيَ والنَّبيذِ والرَّقْصِ وقِماشِ الحَريرِ الخَامِ، والأناقَةُ والرِقَّةُ والبَسَاطَةُ وفُسْتانُ الماكسِي وسِيقانٌ كالرُّخامِ، وقَلْبُ الرَّجُلِ يَعْشَقُ والرُّوحُ لا تَنام، الأعْراقُ والتّنَوُّعُ والتَّعايُشُ والوِئامُ، الكَرَمُ وحُسْنُ الضِّيافَةِ والإحْسانُ، بِلادُ آشورَ وبابِلَ وسُومَرَ والوَرْكاءَ ومَلاحِمُ جِلجامِشَ والآثارُ والأحْجارُ والتأريخُ والحَرْبُ والسَّلامُ، وطُيُورُ الجِّبالِ والوِدْيانِ، أورُ وإبراهيمُ وسارةُ الأجْمَلُ بَيْنَ النِّساءِ في ذاكَ الزَّمَانِ، بِلادُ الشّجَنِ والألْحان، والأبيَضُ والأسْوَدُ والسّينَما وبِداياتُ الألْوان، السَيّابُ والسَّحَرُ والعَيْنَانُ، وعَرَباتُ البَلَدِيّةِ تَرُشُّ المِياهِ فِي بَغْدادَ مِنَ الأعظَميّةِ الجَميلَة إلى الصَّوْبَيْنِ، وأحْدَثُ الباصاتِ والعَرَباتِ بِطابِقٍ أوْ إثْنَيْنِ، والسّدودُ والمَشاريعُ والمَصانِعُ والمَطابِعُ وَجَيْشٌ قَويٌّ ذُو شأن...، إنّهُ دَوْرُ العِراق...، وقُتِلَ المَلِكُ الصّالِحُ وأنهارَتِ المَلَكِيّةُ والعُقوُدُ الذَّهَبِيّةُ، وصُدِمَ العالَمُ من قَتْلِ المَلِكِ البَريءِ دُونَ سَبَب، وسالَتْ دُمُوعُ الرَّبُّ، وبَكَتِ الملائِكةُ النَّقِيّةُ، وبَكَتْ خَطيبةُ المَلِكِ الوَسِيمِ ذِي الإبْتِسامَةِ البَهيّةِ...، بَكَتْ الأميرةُ فاضِلة، الأميرةُ النّقيّةُ، والتي، وأنا أكْتُبُ كَلِماتي هذِهِ، تَعيشُ أيّامَها الأخيرةَ اليَوْمَ في تُركيا، بَكَتْ الحَسْناءُ التُرْكيّةُ المِصْرِيّةُ ذاتُ الأُنُوثَةِ البارِيسِيّةِ، وأنهارَ الحُلمُ البابِليُّ، وأنْتَهَى الرُّقِيُّ، وأنتَصَرَ القَتَلَةُ، والعِراقِيّون للقَتَلَةِ يُهلّلون!! وحَكَمَ الخائِنُ عبد الكريم قاسِم -- الذي حَلَفَ وأقْسَمَ بِشَرَفِهِ بأنَّهُ لَنْ يَتآمَرَ ولا يَنْوي أيَّ تَحَرُّكٍ أو إنْقِلابٍ فِي إجاباتِهِ على تَسَاؤُلاتِ نوري السّعيد رَحِمَهُ اللهُ، والرَّجُلُ "المَفْروضُ" كَلِمَةٌ، والسّعيدُ صَدَّقَ كَلِماتِهِ -- لكِنْ هَلْ لِلخائِنِ شَرَفٌ لِيُقْسِمَ بِهِ؟! فَحَكَمَ الخائِنُ قاسِمُ والغَوْغاءُ من الجُهَلاءِ والجُهّالِ، وبَدَأتْ الهَمَجِيّةُ وبَدَءَ العَبَثُ، وبَدَأتِ "المُحاكَمَاتُ" وتَمَّ تَشْويهُ الجُّثَثِ، وسُحِبَتِ أبْدانُ الأُمَراءِ في الشَّوَارِعِ والطُّرُقاتِ، ثُمَّ أُحْرِقَتْ وعُلِّقَتْ، فِي وَحْشِيّةٍ وهَمَجِيّةٍ شَوَّهَتْ كُلَّ الحَضاراتِ والرِّسالاتِ، لم تَفعَلْها حَتّى الحَيَوَاناتِ، والعِراقِيّون يُهَلّلون!! لَمْ يَذْهَب العِراقِيّونَ إلى قَصْرِ المَلِكِ الذي أحَبُّوهُ أو "المَفْروضِ أَنَّهُم أحَبُّوهُ" لِيَحْمُوهُ ويَسْألو خائِنِيهِ لِمَ تَقْتُلوُه!! بل تَجَمّعو وتَجَمْهَرو لِيَتَفَرّجونَ، وأثاثَ ومُقْتَنَياتِ القَصْرِ يَسْرِقون ويَنْهَبُونَ!! لا تَتَعَجّبْ، هذا سُلُوكُ الغَوْغاءِ والمُنافِقينَ، وهذا الزَمانُ إذا إنْقَلَب، وهكذا هِيَ لَعَناتُ الرَّبِّ، فَهُناكَ شُعُوبٌ قالَتِ "الحَمدُ للهِ" على نِعْمةِ القائِدِ الوَطَنِيِّ الصّالِحِ مِثلَ الإماراتِ، عِندما أهْداهُمُ اللهُ شَيْخَهُم زايِد، وهُوَ طَيِّبٌ وحَكيمٌ، فَحَافَظو عَلَيْهِ وعلى بَلَدِهِم، وأُنْظُرْ إلى الإماراتِ اليَوْمَ في هُدُوءٍ وَرَخَاءٍ. أو أُنْظُرْ إلى لُبْنانَ، عِندما وُلِدَ لَهُم القائِدُ الوَطَنِيُّ الصّالِحُ والمُحِبُّ لِوَطَنِهِ بَشيرُ الجمَيّل، لكِنّهُم لَمْ يُحافِظو عَلَيْهِ كمَا أرَادَ الرَّبُّ والعَذْراءُ، فَقُتِلَ الشّابُّ الشَّهيدُ وَبَكَتِ السَّمَاءُ، وأنظُرْ إلى لُبنانَ اليَوْمَ، إيرانِيّونَ وسُوريّونَ ومُرْتَزَقَةٌ في البِلادِ يَعْبَثونَ، وغَيْرَهُم مِنَ المُخالِفِينَ يَقْتُلونَ، وَيغْتالُونَ والقَنَابِلَ يُفَجِّرونَ، وهكذا هُوَ الأمْرُ! أعودُ إلى العِراقِ لِنُكْمِلَ فيهِ...، وَحَكَمَ العَسْكَرِيُّ الخائِنُ عبدُ الكريم قاسِم ومَعَهُ لَفِيفٌ مِن المُنافِقين، لَكِنَّهُ "تَخاصَمَ" كالأطْفالِ والمُراهِقينَ معَ سَيِّدِهِ جَمال عبد النّاصِرِ فِي أمورٍ كالحُكْمِ والكُويتِ والتَسْليحِ...، وأوّلِها، وأنا لا أمْزَح، على لَقبِ "الزَّعيم!!" صَدِّقْ أو لا تُصَّدِّقْ، كَما كانَ في التّسْجيلاتِ، التي كانتْ في بِداياتِها سِرّيّةٌ ثُمّ أصْبَحَتْ عَلَنِيّةٌ! وَبَدَءَ الصِّراعُ بيْنَ السّيّدِ والتَابِعِ...، وقُتِلَ الخائِنُ قاسِم، فَعُمَلاءُ جَمال في كُلِّ مَكان، وجَاءَ عبدُ السّلام عارِف وهُوَ خائِنٌ آخَر، إذْ كانَ صَديقاً وشَريكاً لِقاسِمَ وعَميلاً آخرَ لِعبدِ النّاصِر. لكِن مَنْ هُوَ جَمال عبد النّاصِر؟؟ هُوَ عَسْكَريٌّ مِصْرِيٌّ لَمْ تُعْرَف عَنْهُ الشّجاعَةُ والإقْدامِ، بَلْ عُرِفَ عَنْهُ التَّسَرّعُ والكَثيرُ مِنَ الحُمْقِ والحَمَاقةِ وقِلّةُ العَقْلِ، كَما جاءَ فِي مُذَكّراتٍ الكَثيرِ مِن رِفاقِ دَرْبِهِ وضُبّاطٍ مِنَ الغَرْبِ حَتّى مِن الحُلَفاءِ الرُّوسِ وحينَها السّوفييتِ، وكانَ مُنافِقٌ بارِعٌ كمَا وَصَفَهُ أحّدُ رِفاقِهِ في حَديثٍ "خاصّ،" مَعَ إحْدى جَميلاتِ الفَنِّ فِي ليلَةٍ حَمْراء. وكانَ عبد النّاصر مَهْووسَاً بالإنْفِرادِ والزّعامَة وكانتْ النّزْعَةُ الدِّكتاتوريّةُ تَمْلأ قَلْبَهُ مُنذُ الصِّغَر، وكانَ "سِرّاً" أو "عَلَناً" مِن عُشّاقِ هِتْلَر! وقالَ عَنْهُ أحَدُ عُلَماءِ النّفْسِ والتَّحْليلِ فِي النّمسا بأنّهُ، أيْ عبد النّاصِر، كانَ يَخافُ الغَدْرَ بِهِ والتَّخَلُّصَ مِنْهُ بأيِّ لَحظَة وفِي أيِّ وَقْتٍ، وَمِن عُقَدِهِ العَميقَةِ كانَ الخَوْفُ مِنَ المَجْهول، ورُبّمَا، وهُنا أُضيف، كانَ هذا سَبَبَاً فِي تَجَسُّسِهِ على الكَثيرِ مِنَ القادَةِ والوُزراءِ والأصدقاءِ بَلْ وحَتّى الفَنّانينَ ومِنْهُم أمّ كلثوم وعبد الحَليم وفاتِن حَمامَة وسُعاد حُسنِي وغَيرِهِم وتَسْجيلِ جَلَسَاتِهِم ومُكالَماتِهِم، ومِنْها العاطِفيّةِ، رُبَّما لإبتِزازِهِم لاحِقاً أو على أقَلِّ تَقْديرٍ للسَيْطَرةِ عليْهِم وإستِخْدامِهِم فِي أمُورٍ "خاصّةٍ" فيما بَعْد! وهذا فِي عِلْمِ النَّفْسِ مِن مَآلِ الأُمورِ إذْ يَعتَقِدُ الخائِنُ أنَّ النّاسَ كُلُّهُم خَوَنَةٌ، ويَظُنُّ الكاذِبُ أنَّ مَنْ يُحيطَ بِهِ كاذِبونَ بَلْ وكَذّابون!! وغَدَرَ بِقائِدِهِ وقَتَلَ أصْحابَهُ ورِفاقَهُ، ولَمْ يَكْتَفِي! وَبَعْدُ... دَمَّرَ ناصِرُ التَنوّعَ والتَّعايُشَ والنَّسيجَ المُجْتَمَعِيَّ في مِصْرِ المَحْروسَةِ التي يُحِبُّها الرَّبُّ بَعْد أنْ كانَتِ الأجْمَلُ والأغْنَى بَيْنَ البِلادِ، ولَمْ يَكْتَفِي! وأشْعَلَ حُرُوباً غَبيّةً لا طائِلَ مِنْها كَحَرْبِ 1956 مِن أجْلِ قَناةِ السّويسِ التي كانَت "سَتَعودَ" لِمِصْرَ تِلقائيّاً حَسَبَ الإتّفاقاتِ والعُقودِ بَعدَ سَنَواتٍ مَعْدودَة، ولَمْ يَكْتَفِي! وأفْقَرَ مِصْرَ والجَّميعَ ، ولَمْ يَكْتَفِي! وجاءَ دَوْرُ العِراقِ أرْضِ نوحٍ ويونانَ وحِزْقيالَ وإبراهيمَ وحَضاراتِ الجَّميعِ ونَسَماتِ الرّبيعِ...، أوَّلُ الحَضاراتِ فِي الأرْضِ بِقِياسِ البَشَرِ وآدَمَ والوُجُودِ، وثانِيَ الحَضاراتِ بِقِياسِ الحُكوماتِ وإسْتِقْرارِها ورَسْمِ الحُدُودِ، لكِنِّي سأتَحَدّثُ عَن تَفْصيلِ ذلِكَ لاحِقاً...، ولَمْ يَكْتَفِي، ولَنْ أكْتَفِي! وتَآمَرَ ناصِرُ على سُورية الجَّمالِ وخِفَّةِ الرُّوحِ والياسَمينَ...، أبو عَنْتَر وغَوّارُ وفَطّومُ وياسِين وحسْنِي، الصَّوْتُ والمَوّالُ وفَخْرِي، والأنْغامُ والليالِيَ، التِلْفازُ والغِنَاءُ والرَّقْصُ ويا بُو رديْن وأُنوثَةُ صباح الجّزائِريّ، السّينَما وحَبيبةُ وجَمَالُهَا والعَيْنَيْنِ، وإغْراءُ والنَّهْدَيْنِ، رِقَّةُ الحَلَبيَّةِ ودَلالُهَا، والوَجَنَاتُ كالتّفاحِ والتِّينِ، وشِفَاهٌ لَيْسَ لَهَا مَثيلٌ، فَهَلْ مِنْ جَمَالِ الشَّامِيَّةِ هُرُوبٌ أو سَبيلٌ...؟! ونَجَحَ ناصِرُ في تَدْميرِها مَعَ عُمَلاءٍ وَعَساكِرَ سوريّينَ، ولَمْ يَكْتَفِي! وتآمَرَ على ليبيا النّسِيمِ العَليلِ، لِيأتِيَ بِحاكِمٍ مَعْتوهٍ آخَرَ، وَنَجَحَ في تَدْميرِها، ولَمْ يَكْتَفِي! وتآمَرَ على اليَمنِ السَّعيدِ بالجّيوشِ والسِّلاحِ والفِتْنَةِ، وَنَجَحَ في تَقْسِيمِها، ولَمْ يَكْتَفِي! وأفْسَدَ عِلاقاتِ مِصْرَ مَعَ الكَثيرينَ بِسَبَبِ خِطاباتِهِ التّافِهةِ التي كانَ يَشْتُمَ فيها القَريبَ والبَعيدَ لِسَبَبٍ وإعتِقادٍ وعُقَدٍ فِي رأسِهِ، فَتَسَبّبَ لاحِقاً فِي أغْبَى الحُرُوبِ فِي 1967 وكانَتْ نَكْسَةً بِكُلِّ مَعْنَى الكَلِمَةِ ومُزِّقَتْ مِصْرُ الجّميلَةُ، التي كانَتْ فِي زَمَنِ المَلِكِ فاروقَ أرضُ "مِصْر والسّودان" وسَلّةُ الأرْضِ تَمْلأُ خَيْراتُها وخَزائِنُها خَزائِنَ بِلادٍ وبُلْدان، ومُزِّقَتْ أورشَليمُ أو القُدْسُ وبِلادُ العَرَبِ ورَقَصَ الإسْرائيليّونَ رَقْصَةَ النَّصْرِ العَظيمِ...، ولَمْ يَكْتَفِي! وتآمَرَ ناصِرُ على تونس... تونس... أرْضُ الحُسْنِ والجّمَالِ والرِّقّةِ الفرانكفونيّةِ، والأُنوثَةُ المَغَارِبِيّةُ، وحَلاوةُ اللهْجَةِ المَحَلِّيّةِ، والسَّلالِمُ المُوسِيقِيّةِ، بوشناقُ وعُلَيَّةُ، وسِحْرُ الإيقاعِ ورَوْعَةُ الحَضْرَةِ التُّونِسيّةِ، والزّيارَةُ التي أنتَظِرُها فِي كُلِّ سَنَةٍ وأشْرَبُ شّايَ الدارجيلينج مَعَ الطَّرَبِ وأسْتَمْتِعُ وأُغْمِضُ عَيْنِي، والتِلْفازُ يُغَنِّي، والسَّهْرَةُ صَبّاحِي، وتُحَلِّقُ الأنْغامُ وتَطيرُ النَّغَمَاتُ فِي لَيالٍ قَمَريّةٍ...، وعبدُ النّاصِرِ لَمْ يَكْتَفِي! وحاوَلَ وتَآمَرَ ثُمَّ حاوَلَ وفَشِلَ وحاوَلَ وفَشِلَ...، لكِنَّهُ لَمْ يَكْتَفِي! وتآمَرَ مَعَ أتْباعِهِ مِن مُنافِقِي العَرَبِ سِرّاً على لُبنان... لُبنان... سويسرا الشَّرْقِ، بِلادُ الأرْزِ والجّبالِ والزَّرْعِ، والأُنوثَةُ والدّلَعُ والدَّلالُ وجَمَالُ خَصْرِ النِّساءِ إذا مَال، ويا وَيْلَ الرِّجالِ إذا مَال، صَالَ النَّظَرُ مَعَهُ وَجَال، ورَوْعَةُ الطّبيعَةِ والقُرى وسِحْرُ الضَّيْعَةِ والوِدْيانِ، بِلادُ القِدّيسةِ العَذراءِ، أُمِّ النُّورِ أطْهَرِ النِّساءِ، والرَّبُّ والتّلامِيذُ والتِّلْميذُ والصَّخْرَةُ والبَّحْرُ والنَّهْرُ والصّيْدُ والكِتابُ والسَّمَاءُ، فيروزُ والرّحبانِي وعازِفُ الليْلِ وجَمالُ الألْحانِ، وَديعُ وفَريدُ والنّابُلسِي وسِحْرُ عُيُونِ أسْمَهانَ، وأقْلامُ جُبْران، وبشيرُ الجميّلِ... الشَّهيدُ بَشير، رَمْزُ الإخْلاصِ والدَّيْر، القائِدُ الشّابُّ، إخْتَارَهُ الشَّعْبُ "إنْتِخاباً" كَرَئيسٍ، فَنَزَلَتِ المَلائِكَةُ وهَلّلَتْ، وهَرَبَ إبْليسُ، الشَيْخُ بَشيرُ، الذي أحَبَّهُ النّاسُ والمَلائِكةُ أحَبُّوهُ، آخِرُ الرُّؤساءِ والزُّعَماءِ والأمَلُ الأخيرِ، الشَّيْخُ بَشير، وبَعْدَ عَشْرِ سَنَواتٍ وسَنَتَيْنِ مِنَ التآمُرِ بِقُنبِلَةٍ قَتَلوُهُ، وَسَكَتَ الزّمَانُ، وإنْهارَ لُبنانُ، قَتلوُهُ بأوامِرٍ سُوريّةٍ وفَتَاوٍ إيرانيّةٍ وأمْوالٍ لِيبِيّةٍ وقَنَابِلٍ فِلِسطينِيّةٍ وخِيانَةِ "النِّساءِ" والشّيْطان! أعُودُ إلى عبدِ النّاصِرِ...، ولَمْ أكْتَفِي! لَمْ يَكْتَفِي زَعِيمُ الإنقلاباتِ ناصِرُ بِتَدْميرِ المُجتَمَعاتِ، وإنْهاءِ عُصُورِ الرُّقِيِّ والمَلَكيّاتِ، والقَضَاءِ على تَنَوّعِ الأدْيانِ والدِّياناتِ، وتَدْميرِ الأراضِي والحُقولِ والمَزارِعِ والمَشاريعِ والأحْلامِ والحُرّيّاتِ، والإسْتِقلالِ والمُستَقبَلِ والآمَالِ، ولَمْ يَكْتَفِي بِقَتْلِ النّساءِ وسَجْنِ الرِّجالِ. لَمْ يَكْتَفِي المُتَآمِرُ ولَمْ يَكْتَفِي المُتَآمِرون: زَعيمُ الأوْهامِ عبد النّاصِر والمَعْتُوهُ مُعَمَّر القَذّافِي الذي لَدَيْهِ "صَحيفَةٌ" في مَصَحَّةٍ فَرَنسيّة -- وحافِظُ الأسد الذي قالَ عَنُهُ أحَدُ حُكّامِ الخَليجِ في "جَلْسَةٍ خاصَّةٍ" بأنَّهُ كسُمِّ الثُّعبانِ قد يَبيعَ أُمَّهُ وأباهُ ويَغْدِرَ بِكَ أو "بِكِ يا حُلْوَةُ" في دَقائِق -- وياسِر عَرَفات، أبو عَمّار، شَيْخُ المُنافِقينَ وسارِقُ الذّهَبِ والمَاسِ، والرّاقِصُ في كُلِّ الأعْراسِ، والذي قالَ عَنهُ الرّئيسُ الرّاحِلُ صدام حسين في إحْدى "التّسْجيلاتِ الخّاصّةِ والمُطَوَّلَةِ" بأنّهُ، أيْ صدام حسين، يَجلسَ مع ياسِر عَرَفات ويبتسمَ لَهُ ويُساعِدَهُ ويُسانِدَهُ و "يُوَطِّنَ" أتْباعَهُ فِي بَغْدادَ فِي شُقَقٍ فارِهَةٍ و "يَصْرُخَ" بِتَحْريرِ "قُدْسِهِ" لأنَّها مِنْ مَبادِئِ "الحِزْبِ والثَّوْرَةِ" وتَلْتَهِبَ مَعَهُ القُبَلُ والأحْضانُ، لكِنّهُ يُدْرِكُ في قَرَارَةِ نَفْسِهِ بأنَّ عَرَفاتَ "أوْسَخُ" مِن حافِظِ الأسدِ والقذّافِي والخُمَيْنِيّ وأنَّهُ يَبيعَ "قَضيّتَهُ" بِدينارٍ، وبِأنَّهُ، أيْ صدام حسين، على عِلْمٍ ودِرايَةٍ أيْنَ يَذهَبُ عَرَفاتُ "مُتَخَفّياً بِكُوفِيَّتِهِ"عِندما يُغادِرُ بَغدادَ بأيّامٍ!! وكانَ هذا تَسْجيلٌ وحَديثٌ مُطَوَّلٌ شَرِبَ فيهِ صدامُ كَثيراً وسَكِرَ، وأسْتَمَعَ إلى الكَثيرِ مِنَ النُّكاتِ ال "+18" وكانتْ ضَحِكاتُهُ تَصْعَدُ إلى السَّماءِ، وكانَ يُسَمِّيَ الرُّؤَسَاءَ والقَادَةَ العَرَبَ بأسْماءِ شَخْصِيّاتٍ كَرْتُونيّةٍ! أعُودُ إلى عبدِ النّاصِرِ والعِراقِ والإنْقِلاباتُ لِأنْقَلِبَ بالكَلِماتِ والأحْداثِ إلى إنْقِلابِ 1958 المَشْؤومِ وقَتْلِ المَلِكِ الشّابِّ البَرِيءِ، وماذا كانَ مِن عَصَا مُوسَى والأفاعِيَ والثّعابينَ والسُّمُومِ...، وَمَرَّتْ سَنَواتٌ عِراقِيّةٌ، وقُتِلَ جَميعُ القَتَلَةِ، لأنّ مَلائِكةَ السّمَاءِ قبلَ سَنَواتٍ قد بَكَتْ، عِندما دَمَعَتِ العَيْنُ ودَمَعَ المَطَرُ وكَثيرُ الدَّمْعِ وسَقَتِ الدُّموُعُ ما أرادَتْ وَسَقَتْ، وتَنافَسَ السُّقَاةُ على الدُّموُع، عِندما بَكَتِ الأميراتُ، عِندما سَالتْ الدِّمَاءُ، دِمَاءُ المَلِكِ الشّابِ في حَديقةِ قَصْرِهِ على التُّرابِ والزَّرْعِ والزُّرُوعِ، عِندما صَعِدَ صُراخُ الوَصيفاتِ الباكِياتِ إلى السّمَاءِ، عِندما سَمِعَ الرَبُّ الصُّراخُ والبُكاء، فكانتْ عَدالَةُ الأرْضِ والسّمَاءِ، وقَتَلَ الخائِنُ شَريكَهُ الخائِنَ، فالخَوَنةُ لِبَعْضِهِم يَقتُلون، هكذا عَلّمَنا التأريخُ والزّمانُ، هِيَ لُعبةُ الخِيانةِ والكَراسِي والأزْمِنةِ والأزْمانِ. بَعْثِيّونَ يَقتُلونَ شِيوعيِّينَ، وشِيوعِيّونَ يَقتُلونَ بَعْثيِّينَ، وقَومِيّونَ يَقْتُلونَ الإثْنَيْنِ، والإثْنانِ يَهْرُبانِ، والجَّميعُ يَتَقاتَلونَ ثُمَّ يَتَعانَقونَ!! أُكْمِلُ كَيْ لا يَتيهَ عَقْلُكَ وعَقْلِيَ ونَضيعَ بَيْنَ الأحْداثِ والمُفاجآتِ...، قُتِلَ قاسِمُ، والقاتِلُ هُوَ عارِفُ الرّفيقُ والصّديقُ! ثُمَّ قُتِلَ عارِفُ، والقاتِلُ هُوَ البَكِرُ الرّفيقُ والصّديقُ -- الذي شارَكَ عارِفَ في قِتالِ وقَتْلِ قاسِم فِي وِزارَةِ الدِّفاعِ ومَبْنى الإذاعَةِ والتّلفِزيون! وقُتِلَ عبدُ النّاصِر بِقَطَرَاتِ سُمٍّ في فِنجانِ قَهوَتِهِ، والقاتِلُ هُوَ الرّفيقُ والصّديقُ! وجَاءَ البَكِرُ وصدام حسين وآخَرون، وهُم بَعْثِيّون، لكِنّهُم لِ "قومِيّةِ" عبدِ النّاصِرِ تابِعون، والعِراقِيّون لهُم يُهلّلون!! وبُنِيَ العِراقُ من جَديد، رَغْمَ النّارِ والحَديدِ، وعَادَتِ السّعادةُ للعِراقِيّين، وهِيَ نِهايَةُ السِّتينيّاتِ، وهِيَ السَّبعينيّاتُ الذّهَبِيّة، والرّخاءُ للجَّميعِ، وتَعَلّمَ الجَّميعُ، وأصْبَحَ التّعْليمُ فِي العِراقِ الأرْقى فِي الشّرْقِ الأوْسَطِ وَذُهِلَ العالَمُ مِن ثَقافَةِ العِراقِيّين، واليونسكو قالَها لِلعَلَن، أنَّ التّعْليمَ فِي العِراقِ لا يُقَدَّرُ بِثَمَن، فأحمد حَسَن البَكِر قد نَدِمَ على القَتْلِ والتّآمُرِ والخِيانَةِ، أو رُبَّما تَعِبَ مِنْها وَلَمْ يَعُدْ يَقْدِر عَلَيْها، ولَبِسَ المَلابِسَ المَدَنيّةَ وأحَبّ السّلامَ والإزدِهارَ، فأصبَحَ لِمُحِبّيهِ الأبُ القائِد، وهِيّ سَبعينّياتُ الخَيْرِ والسّعادَةِ، ومَعَها، وَراءَ الكَواليسِ، أستَمَرّتِ النّارُ وأستَمَرَّ الحَديد وَهِيَ لِلعَسْكَرِ عادَة، والحَديدُ للعِراقِيّينَ عاشِقِي الإنقلاباتِ والفِتْنَةِ، رُبَّما، هُوَ الحَلُّ الوَحيد. وأصْبَحَ العِراقُ في السّبعينيّاتِ لَوْحةً جَميلَةً يُحِبُّ النّظّرَ إليْها العَرَبُ والغَرْبُ، كانَتْ سَنَواتٌ ذَهَبيّة، أزياءٌ ورَقْصٌ وغِناءٌ وحُسْنُ النِّساء، التَنّورةُ والقَصِيرُ، غَرامٌ وسَهَرٌ وغَزَلٌ وأميرَةٌ وأمير، والخَصْرُ وَجَمالُ السَّاقَيْنِ، الشَّعْرُ والعُيُونُ والأُنوثَةُ وأحْمَرُ الشِّفاهِ ونُعومَةِ اليَدَيْنِ، سِحْرُ الفولكس فاغن والأفلامُ والسّينَما والإنْفِتاح، فَلا إنْقِلاباتٌ وَلا جِرَاح، وأصبَحَتِ السّبعينيّاتُ فِي العِراقِ وبِلادُ العَرَبِ والعالَمِ عَقْداً للجّمَالِ والأفْراحِ، رّغْمَ حَرْبٍ وحُرُوبٍ هُنا وهُناك. هِيَ السّبعينيّاتُ يا سَادَة، عَقدُ الحُريّةِ والحَرَكاتِ الهيبيّةِ وجَمالُ النِّساءِ والشِّفاهُ الوَردِيّةِ، إذْ كانَ حُكّامُ العِراقِ والعَرَبِ مَعَ شُعوبِهِم على مَبَادِئٍ وأمورٍ مُتَّفِقين: إفْعَلْ أيُّها المُواطِنُ العَرَبِيُّ ما تَشاء... أُرقُصْ، إفْرَحْ، تَعَلّمْ، صَلِّ أو لا تُصَلّي لا شأنَ لَنا بِكَ، سافِرْ، غازِلْ وتَغَزّلْ، إلبَسْ وإرتَدِ مِنَ الثِّيابِ ما تَشاء، وتَعَرّى كَيْفَمَا تَشاء، وعِشِ الحَياة... لكِن إيّاكَ ثُمَّ إيّاكَ أنْ تَتَحدّثَ فِي السّياسَةِ وأُمُورِ الحُكم، أيْ، كَمَا يَقولُ الآباءُ والأجْدادُ: حَرامِي لا تصِير... مِن شُرطِي "سُلطان" لا تخاف! وقَبِلَتِ الشُّعوبُ وكانَ الجّميعُ راضينَ مُتحابّينَ وكانَ هذا سِرُّ جَمالِ وسِحْرِ السّبعينيّاتِ، ورُبَّما، رُبّما، لاحِقاً، الثّمانينيّاتِ أيْضاً. لكنّ السّماءَ والسّماواتِ على العِراقِ غَضِبتْ من جَديد، ومَا أدْراكَ ما غَضَبُ السّماواتِ، وكانَ صَدّام حسين أو السَيِّدُ النائِب أكْثَرَ قُوَّةً وحُضُوراً ونُفُوذاً مِن البَكِر ولَمْ يَعُد كُرْسِيُّ النائِبِ كافِياً فَأرادَ صَدّامُ كُرْسِيَّ الرِّئاسَةِ، ولَمْ يُرِد صَدّام حسين إلْحاقَ الأذى بالبَكِر لأنَّهُ كانَ يَحْتَرِمَ البَكِر وتأريخَهُ وحُبَّهُ لِبَلَدِهِ فَقَرَّرَ أن يَكونَ الأمْرُ سِلْميَّاً أيْ "بالعِينِي والآغاتِي" وأُبْلِغَ الرّئيسُ العِراقِيُّ البَكِرُ بالأمْرِ "الذي كانَ يَتَوَقَّعَهُ فِي لَحْظَةٍ مُنْتَظَرَةٍ" وكانَ كذَلِكَ وكانَتِ "التَنْحِية،" ومَسَكَ صدامُ حسين السّيكارَ بيدِهِ، وبَدأتِ الصِّراعاتُ البَعْثِيّةُ، ومَلالي الحَوْزاتِ في إيرانَ والعراقِ يَرْقَبون، وعُمَلاءُ إيرانَ فِي "حِزْبِ الدَّعْوَةِ" من الجُهَلاءِ والجُّهَّالِ والسُّرّاقِ والقَتَلَةِ وكارِهِي العِراقِ يَنْتَظِرون، وحافِظُ الأسَدِ والسّوريّونَ وفُروعُ البَعْثِ المُنْشَقِّ والمُنافِسِ يَرْقَبون، وَغَيْرُهُم كَثِيرون، ومَرّةً أُخرى، بَدَأتِ المُؤامَراتُ، وبَدءَ صِراعُ الخِطاباتِ و "حَلَبَاتُ" الشِّعاراتِ، ومَرّةً أُخرى، هِيَ لُعْبَةُ الكَراسِي التي يَعشَقُها العَسْكَرُ والعَساكِرُ، وحَكَمَ صَدّام حسين، حَكَمَ القَويُّ الماكِرُ، وهُوَ على حُكْمِ العِراقِ لَقَادِرٍ، وأنْتَهى كُلُّ شَيءٍ في قاعَةِ الخُلْدِ مَعَ الأوامِرِ والسّيكارِ والسَّكائِرِ. لكِنّ مَلالي قُمَّ وطَهرانَ كانو بالمِرْصاد، وعِماماتُ إيرانَ لا زالتْ في إيرانَ تَغْلِي، وشاهُ إيرانَ يُعانِيَ مَرَضَ السَّرَطانِ، وهُوَ مَريضٌ وضَعيفٌ في مَأزَقٍ ومَآزِقٍ والغَرْبُ علَيْهِ بِسَببِ أسْعارِ النّفطِ غاضِبٌ، وهكذا، أنْتَصَرَتْ "ثَوْرَةُ" الجَّهْلِ وَنَشْوةُ الإسْلامِ "السِّياسِيِّ" المَشْؤومِ، وهُمْ دائِماً للعِراقِيّينَ والعَرَبِ بالمِرْصاد، وَظَهَرتِ الأحْقاد، وحانَ وَقْتُ تَصْديرِ الثَّوْراتِ، إنفِجاراتٌ في بَغدادَ والجّامِعاتِ، ومُحاوَلاتُ إغْتِيالٍ في العِراقِ ولُبْنانَ وإعْداماتٍ! لكِنْ كَيْفَ بَدَأتِ اللعْنّةُ والشَّرُّ والشّؤْمُ؟؟ وَمَتى إسْتَيْقظَ الشَّيْطان...؟؟ تَآمَرو على شاهِ إيرانَ، والأنْظارُ على باريسَ وبَرْلينَ ومُخابَراتِ الألمانِ، ورَفَضَ الشّاهُ أنْ يُوَقِّعَ لِلغَرْبِ الوَرَقَةَ والوَرَقَ، والغَرْبُ، كَعادَتِهِ، يُفَكِّرَ بالنّفْطِ والمَالِ، وأنْهارَ الحُلْمُ الإيرانِيُّ كالرِّيحِ الصَّفْراءِ والبَرْق، إذْ كانَتْ إيرانُ قبلَ ثَوْرةِ العِمامَةِ والشّيطانِ عَرُوُسَ الشّرْقِ، وأنْتَهَى كُلُّ شَيءٍ، وَهَرَبَتْ العَرُوُسُ والحَجَرُ إنْشَقّ، وقَتَلَ المَلالي شَقيقةَ العَرِيسِ والعَرُوُسِ، وهَرَبَ العَرِيسُ إلى مِصْر وبَكى الأطفالُ، وهَرَبَ الرّجالُ، وسَالتْ دُمُوعُ أجْمَلِ نِساءِ شَرْكَسَ وفارِسَ وإيران، وبَكَتِ الحَسْناواتُ والحِسَان، بَكَتْ كوكوش وهايدَه ونوش آفرين ولَيْلى وأجْمَلُ نِساءِ نَوْروزَ وأذربيجان، وغابَتِ الشَّمْسُ عن بِلادِ العِلْمِ والفَنِّ والفَلْسَفَةِ والشِّعْرِ والسّجّادِ والطَبيعَةِ والأشْجارِ والكافيارِ والغِناءِ والرَّقْصِ وجَمَالِ الألحان -- هُوَ التأريخُ وهِيَ المَلالي والأحْقاد، والتأريخُ قد عَاد. لكِنّ تَدْميرَ الجَّمَالِ والآمالِ لا يَكفِي، ولا يَكفِي غَسْلُ العُقُولِ، ومَلالي الجَّهْلِ لَديهم دُسْتُور، والّدُّسْتُورُ يَصْرُخُ ويَقول: كُلُّ العَرَبِ إيرانِيّون، وفي أُصولِهِم فارِسيّون، وأحْفادُ عُمَرَ ويَزيدَ جُناة، والمَسيحيّونَ رُعَاة، واليَهودُ لا يَسْتَحِقّونَ الحَياة، ولا فَرْقَ بين مُوسَى وهارونَ وصُهْيون، لا فَرْقَ بَيْنَ الدِّينِ والسّياسَةِ، ويَجِبُ إحْراقِ الشَّرْقِ وبِلادِ الضّاد، بالصِراعاتِ والقَتْلِ والفَقْرِ والبُؤْسِ والجِهادِ، نَحْنُ الإيرانيّونَ، يَقولون، لَديْنا الفِرْدوسُ ومَفاتِيحُ الجَنّةِ والمَوْتُ والنِّساءُ والحُوُرُ، هُوَ التأريخُ الفارِسِيُّ وكُتُبُ المَدارِسِ وتَعْليمُ الأطْفالِ، هُوَذا الدُّسْتُور، والعَلْمانيّونَ الحَياةَ لا يَستَحِقّون، والنَّجفُ وكربلاءُ لِإيرانَ وبِلادِ فارِسَ ومَلالي الحَشيشِ والنِّساءِ والليالي والسّمَرِ، ولَعْنَةُ "آيَةِ اللهِ" الخُمَيْنِيّ عَلى كُلِّ مَنْ إسْمُهُ عُثْمانَ وعَمَرَ، والمَسيحِيّونَ والسّنةُ من الحُكّامِ خَطٌّ أحْمَر!!! وقالَهَا الإيرانِيّونَ والعُمَلاءُ والجُّهَلاءُ: إمّا أنْ نَحْكُمَ أرْضَ عَلِيٍّ والحُسَيْن، أو نُسقِطَ نِظامَ صَدّام حسين!! وكَتَبوُ رِسالَةً بِهذا وإلى صَدّام سُلِّمَتْ، وصَدّام قَويٌّ شُجاعٌ يَعْشَقُ العِراقَ ومَعَهُ لا يجِبُ أنْ تَتَحَدّى وتَعْبَثَ أو تَلْعَبْ! وبَدَأتِ الحُرُوُبُ، وأنْتَهَى قِطارُ السّبعينيّاتِ وأيّامُهُ الوَرْدِيّةِ، وكُتِبَ آخِرُ فصُولُ الكِتابِ الذَهبيّةِ، والخُمَيْنِي يُفْتِي ويَقْتُلَ بإسْمِ اللهِ وعليٍّ والحُسَينِ والرَّبِّ، وحافِظُ الأسَد يُرسِلُ الصّواريخَ إلى إيرانَ فَتُطْلَقَ على رُءُوسِ العِراقِيّينَ والعَرَبِ!! ومِثْلُهُ فَعَلَ القَذّافِي بإسمِ القُدْسِ والعَرَبِ!! وصِراعاتٌ في العِراقِ ولُبنانَ ومُرْتَزَقةٌ مِنَ الشَّرْقِ والغَرْبِ!! والغَرْبُ يَبيعُ السِّلاحَ لِكُلِّ الأطْرافِ والطَرَفَيْنِ والشّرِكاتُ تَكْسَبُ! وأمريكا ودَوْلَتُها العَميقَةُ أرادَتْ إضْعافَ الإثْنَيْنِ، فأرادَتْ عِراقاً ضَعيفَاً وهذا يَعْنِي ضَعْفَ العَرَبِ، وأرادَتْ حُكْماً شيعيّاً "دائِمَاً" فِي إيرانَ كَيْ تُواجِهَ المَمْلَكَةَ العَرَبيَّةَ السُّعوديّةَ للحِفاظِ "أمريكيَّاً" على تَوَازُنِ القِوى الطّائِفيّةِ، وبِهَذا أُبْلِغَ الألْمانُ والفَرَنْسيّونَ وأُبْلِغَتِ السَّفَارَةُ السّويسريّةُ، إذْ أنَّ "سُكّانَ" البَيْتِ الأبْيَضِ لا يَحْمِلُونَ فِي "قُلُوبِهِم" مَشَاعِرَ الحُبِّ والإحْتِرامِ للخَليجِ كَمَا يَعْتَقِدَ "سُكّانُ" الخَليجِ... وحَتّى يَوْمِنَا هذا... والأمريكانُ لا يُريدونَ التَّخَلُّصَ مِن نِظامِ مَلالِي طَهْرانَ أو تَغْييرِ النِّظامِ الشِّيعِيِّ الطَّائِفِيِّ فِي إيرانَ كَما يَعْتَقِدَ "سُكّانُ" العَرَبِ وإسرائيلَ... وإلى يَوْمِنَا هذا... والأرْشيفُ الأوروبّيُّ السِرِّيُ شاهِدٌ على هذا!! ومَرّتْ سَنَواتٌ، وأنتَصَرَ العِراقِيّونَ بِدِماءِ العِراقِيّينَ وأمْوالِهِم وأمْوالِ بَعْضِ "المُخْلِصينَ" مِنَ العَرَبِ، رَغْمَ خِيانةِ بَعْضِ "المُنافِقينَ" مِنَ العَرَبِ! لَكِنّ السّماءَ لا زالتْ بالمِرْصاد، وبَدأتْ لَعْنَةُ الكُويت، ونُصِبَ الكَمينُ المُحْكَمُ، ورَنَّ الهاتِفُ فِي مُنْتَصَفِ الليْل، وتَمَّ إيقاظُ الشَّيْخِ وقالَ لَهُ الشّابَُ الخائِفُ "البَيتُ الأبيَضُ يَتّصِلَ يا طَويلَ العُمُر،" وجاءَ الأمْرُ مِن الرّئيسِ وقالَ لَهُ "إسْمَعْ يا شَيْخ، إسْمَعْ يا هذا، حانَ وَقْتُ الرِّبْحِ والخَسارَةِ وعليْكَ التّلاعُبَ بأسْعارِ النّفْطِ وهذا أمْر! فَصَدّامُ على إيرانَ قَد إنتَصَرَ، وهذا عَلَيْكَ وعلى إسرائيلَ خَطَرٌ، وتَذَكَّرْ، قالَها عبدُ الكريم قاسِم قَبْلَ صَدّام أنَّ الكُويتَ جُزْءٌ مِنَ العِراقِ وهذا قَدَرٌ!" وأرْتَعَبَ الأميرُ وتَعَرَّقَ ونادى الشّيوخَ والوِرْعانَ ونُفِّذَ أمْرُ الأمريكانِ...، وأمّا صدّام فَقَد أرادَ بِناءَ العِراقِ بَعْدَ الحَرْبِ وأرادَ إغْناءَ العِراقيّينَ الذينَ تَبَرَّعو بأبْنائِهِم وأمْوالِهِم وذَهَبَهِم وفِضَّتِهِم للعِراقِ والحَرْبِ التي قَتَلَتْ نِصْفَ مليونٍ وأكْثَرَ، لكنّ الخَزينةَ فارِغَةٌ والمالُ إخْتَفى!! وأختَلَفَ العَرَبُ، وأجْتَمَعَ العَرَبُ وأفْتَرَقَ العَرَبُ وتآمَرَ العَرَبُ وخانَ العَرَبُ، وأبْتَلَعَ العِراقُ الطُّعْمَ وسَمِعَ صَدّامُ كَلِمَاتٍ فَحَلَّ بِهِ وعَلَيْهِ الغَضَبُ، وأتّصَلَ البَيْتُ الأبيَضُ وصُبَّ على النّارِ الزَّيْتُ، وفِي دَقائِقَ وساعاتٍ، وفِي لَمْحِ البَصَر، أحْتَلَّ الحَرَسُ الجُّمْهورِيُّ الكُويتَ، وكانَ ذلِكَ في السّياسَةِ وعِلمِ النَّفْسِ والإجتِماعِ السّياسِيّانِ تَهَوُّرٌ وخَطيئةٌ وخَطأٌ جَسيم. وبَعْدَ مُبادَراتٍ وتَهْديداتٍ قَبِلَ صَدّامُ الإنسِحابَ مِنَ الكُويتِ والجُنُودُ يُغادِرونَ، لكنّ الأميرَ أصابَهُ فيروسُ الحِقْدِ وجُرْثومَةُ الكَرَاهيةِ وطَلَبَ مِن الرّئيسِ بوش قَتْلَ العِراقيّينَ وهُمْ يَنْسَحِبُون!!! رَفَضَ بوشُ أوّلاً "بَإبْتِسَامَةِ الكاوبُوي" لأَنَّ العُرْفَ العَسْكَرِيَّ والأخْلاقِيَّ ضِدَّ هذا، والعالَمُ سَوفَ يَرَى ومَعَهُ الدُّنْيَا، فالجَّيْشُ العِراقِيُّ يَنْسَحِبُ وهذا يَعْنِيَ بَدْءَ السّياسَةِ وإنْتِهاءَ الحَرْبِ، لكِنّ الهَدَايا قُدِّمَتْ ومَعَها المَلايينُ، وعِنْدَهَا، غَنَّتِ المَلايينُ ورَنَّمَتْ... لِسِحْرِ الدُّولارِ لَمَعَتِ العُيُونُ، وكانَ ما كان، وأُمِرَ الصَّحَفيّونَ بالسُكوتِ وحَلَّ عَلى الأحْبارِ والأقْلامِ الرّكودُ، وكانَتْ المَجَازِرُ وقُتِلَ الآفُ الجّنودِ، ودُمِّرَ جَيْشُ العِراقِ ذُو البَأْسِ المَعْهُودِ! العَرَبُ والغَدْرُ والفِراقُ والإِفْتِراقُ...، فدِماءُ المَلِكِ فيْصلِ الثّاني الذي قُتِلَ ظُلْماً قبلَ سِنِينَ ولَعْنَةُ الظُّلْمِ لا زالتْ تُلاحِقُ أرْضَ الفِتَنِ والشِّقاق! والحُرُوبُ تَسْتَمِرّ، ومَعَهُ الحِصَارُ مِنَ الغَرْبِ والعَرَبِ، ودَخَلَ الكُرْدُ على خَطِّ النِّفاقِ والشّقاقِ رَغْمَ أنَّهُم "الوَحِيدُونَ" مِن أكْرادِ أو كُرْدِ المِنْطَقَةِ بالحُكْمَ الذَاتِيَّ يَتَمَتَّعُونَ...، صِرَاعَاتُ "آلِ" طالباني وبارزاني إذْ هُمْ تارَةً يُحِبُّونَ صَدّامَ وتارَةً يَكْرَهُوهُ، وتارَةً يَتَحالَفونَ مَعَ إيرانَ لِيُقاتِلو الجَّيْشَ العِراقِيِّ وفِي الجِّبَالِ يُقاتِلُوهُ، ثُمَّ يَتَغَيَّرُ الأمْرُ وتَتَغَّيرَ حِسَاياتُهُم فَيُقاتِلُو إيرانَ، فَتَضرِبُهُم إيرانُ بالغازِ السّامِّ وتَقْتُلَ المِئاتَ مِن الأبْرِياءِ مِنَ الأطْفالِ والنِّسَاءِ فِي السُلَيمَانيَّةِ فَيَهْربُونَ ومَعَ صَدّام يَتَحالَفُونَ، ثُمَّ عَن الأمْرِ يَتَرَاجَعُونَ، ثُمَّ  يَخْتَلِفونَ "وفيما بَيْنَهُم" عَلى سُلْطانِ الشَّمَالِ والثَرَوَاتِ والمالِ يَتَقَاتَلُونَ، ثُمَّ بِصَدّامَ "مَرَّةً أُخْرَى" يَتَّصِلُونَ، ثُمَّ يَتَصالَحُونَ ثُمَّ يَتَقاتَلونَ، وكانَ مَا كانَ، حَتَّى إسْتَقَرَّ الأمْرُ "رُبَّمَا" فِي كُردِسْتَان، وهَكذا!! ثُمَّ جاءَ الرّئيسُ زِيرُ النِّساءِ كلينتون الذي كانَتْ يَدُهُ اليُمْنى بَيْنَ أفْخاذِ النِّساءِ، ويَدُهُ اليُسْرى على زِرِّ الصّواريخِ لِيُطْلِقَها بَيْنَ الحِينِ والحِينِ ويَقْتُلَ مَنْ يَشاءَ، فَقَتَلَ العِراقيّينَ مِنَ فَنّانينَ ورَسّامينَ وإعْلاميّينَ وطُلاّبٍ فِي المَلاجِيءِ والبُيُوتِ آمِنين، وأسْتَمَرَّ الحِصَارُ، ومَرّتْ سَنَواتٌ والزّّمانُ دَارَ، والفُقَراءُ مِنَ العِراقِ يُعانُون ويَبيعُونَ ويَشْتَرونَ ويُتاجِرونَ، والأغْنِياءُ مِنْهُ وعائِلاتُ المَسؤولينَ وشَبابُها بأعْيادِ المِيلادِ يَحْتَفِلون، والرَّصاصَ فِي الهَوَاءِ وداخِلِ القاعاتِ فَرَحاً وتَحَدِّياً يُطْلِقُونَ، وعَوَائِلٌ وعائِلاتٌ أُخْرَى لا شَأْنَ لَهَا بِهذا وذاكَ هُمْ فَقَط عَلى الإثْنَيْنِ يَتَفَرّجونَ، لكِنّ الجَّميعَ بالقَليلِ راضُون، فالأهمُّ عِنْدَ العِراقِيّينَ "شَعْبِ أبو شَعْلَيّة" هُوَ الأمْنُ والأمَانُ، والعِراقِيّونَ آمِنونَ، لكِنَّ الشّيطانَ يَرْقُصَ مِن بَعيد، وحَكَمَ بوشُ الإبْنُ وهُوَ راعِي البَقَرِ، وشَرِكاتُ نَفْطِهِ فِي تِكْساسَ تَخْسَرُ، والعُمَلاءُ والجُهَلاءُ والخَوَنَةُ مِنَ العِراقيّينَ فِي الشَّرْقِ والغَرْبِ مَعَ الشّيْطانِ يَرْقُصوُنَ، وأمْوالَ العِراقِ يُريدونَ، بالإنْتِقامِ يَحْلُمونَ، وجُلُّهُم إيرانيّونَ أو عِراقيّونَ مُغْتَرِبونَ فِي الفَسادِ والحَقارَةِ يَتَنافِسوُنَ. ثُمَّ جَاءَتْ بِدايَةُ النِّهاية، وجاءَتْ 2003، وَقَرّرَ الرّئيسُ بوش، والذي يُنافِسُ العَنْزَةَ في غَباءِهِا -- مَعَ الإعْتِذارِ لِلعَنْزةِ البَريئَةِ لِسُوءِ المُقارَنَةِ -- تَدْمِيرَ أقْدمِ حَضارَةٍ في التأريخِ، فوَادِي الرّافِدَيْنِ هُوَ الأعْمَقُ في كِتاباتِ الوُجُودِ وخَليقَةِ آدَم وحَوَّاء، وجاءَتْ أمريكا وسُلِّمَ العِراقُ لِإيرانَ على طَبَقٍ من فِضَّةٍ وَذَهَبٍ، والعِراقُ ذَهَبَ، ودُمِّرَ العِراقُ حَسَبَ الإتّفاقِ، والأهمُّ هُوَ تَدْميرُ الجّيْشِ العِراقِيِّ المُنْهَكِ بالحُرُوبِ، وَتَدْميرُ الجَّيْشِ العِراقِيِّ هُوَ حُلُمٌ إيرانِيٌّ، وتَحَقَّقَ حُلُمُ بِلادِ فارِسَ وحُلَّ الجَّيْشُ الحارِسُ للشَّرْقِ العَرَبِيِّ، وأصْدَرَ الأمْرَ بِذلِكَ "بَعْدَ التَّشَاوُرِ مَعَ الحَرَسِ الثَّوْرِيِّ الإيرانِيِّ فِي إجْتِمَاعٍ خاصٍّ" الحَاكِمُ الإدَارِيُّ بِأمْرِ البِلادِ والعِبَادِ بول بريمر، وكانَ "دبلُوماسِيٌّ" فاسِدٌ وغَريبُ الأطْوارِ وذُو عِلاقَاتٍ مُتَشَعِّبَةٍ مَعَ الكَثيرِ مِن مافياتِ المالِ وضُبَّاطِ المُخابَراتِ الأُوروبيّةِ والإقْليميَّةِ، وكانَ يَعْشَقُ النِّساءَ العَرَبيَّاتِ بِشِدَّةٍ وأقامَ عِلاقَةً غَراميَّةً مَعَ إمْرَأَةٍ مُتَزَوِّجَةٍ وهِيَ إحْدَى نِسَاءِ "المُعارَضَةِ" العِراقيَّةِ رَغْمَ مُيُولِهِ الجِنْسِيَّةِ "الأُخْرَى،" وكانَ "يَلْعَبُ" مَعَهَا البِلْيارد وهِيَ "لُعْبَةٌ" تَعْشَقُهَا الكَثِيرُ مِنَ النِّسَاءِ إذْ أنَّ فِيهَا القَليلُ مِنَ الرِّياضَةِ والكَثِيرُ مِنَ الرُّومانسيَّة! وكَتَبَ عَنْهُ أحَدُ مُعَاصِرِيهِ بَعْضَ التَّفاصِيلِ الخَاصَّةِ فِي تَقْريرٍ "خاصٍّ" وعَن إسْتيلاءِهِ عَلى مليارِ دولارٍ مِن أمْوالِ المَصَارِفِ العِراقيَّةِ بِعَمَليَّةٍ قامَ بِها مَعَ أحَدِ عُمَلاءِهِ مِن "المُعَارَضَةِ" العِراقيَّة الذي كانَ عَلى رَأْسِ مَجْمُوعَةٍ مُسَلَّحَةٍ كانَ مَقَرُّهَا فِي شَمَالِ العِراقِ، وكانَتْ مِن الميلشياتِ التي دَخَلَتِ بَغْدادَ بَعْدَ سُقُوطِهَا بِسَاعاتٍ. وَبَدءَ فَصْلُ الإنْتِقامِ وحُكْمُ الفَوْضَى والضَّيَاعِ والنِّفاقِ، هُوَ الإتّفاقُ، وجَاءَ إيرانيّونَ وإرهابِيّونَ وعُمَلاءٌ مِنَ الشّرقِ والغَرْبِ، وكُلُّ مَن هَبّ وَدَبّ، وجَاءَ المالِكيُّ والعامِرِيُّ والجَّعفَريُّ وَمَن كانُو مع الجّيْشِ الإيرانِيِّ فِي الثّمانِينيّاتِ يُقاتِلونَ والعِراقِيّينَ يَقْتُلونَ، وعَلاوي وَمَن مَعَهُ وَمَن كانُو في أوروبّا يَرقصُونَ ويَتَسَوَّلونَ ويُتاجِرونَ، ومِن أمريكا وَمَن كانُو يَكذِبونَ ويَتَآمَرونَ، والجّميعُ يَسرقونَ ويَتَوافَقونَ والكراسِيَ يَشْتَرونَ. إذَنْ هُوَ عَهْدُ الغَوْغاءِ، وأزْدادَ غَضَبُ السّماءِ، ودُمِّرَ العِراقُ من الألِفِ إلى اليَاءِ، وسَالتِ الدّمَاءُ، وأسْتَمَرَّ الإيرانيّونَ وكارِهُو وادِي الرّافديْنِ فِي كِتابَةِ فَصْلِ الإنتِقامِ، يَنتقِمونَ من الرُقيِّ وتنوّعِ المُجتمَعاتِ والدِّينِ، مِنَ السّومَريّينَ والبابِليّينَ والآشوريّينَ وأهْلِ الدّارِ، مِن كِرامِ العَشائِرِ والشّيوخِ في الشّرْقِ والغَرْبِ والجّنوبِ وسِحْرِ الأهْوارِ، مِنَ الكُرْدِ وأهْلِ الشّمالِ والطّبيعَةِ والجِّبالِ، ومَزَارِعِ ديالى والبُرْتُقال، وسِحْرِ المُوصِلِ والكُبَّةِ المُوصِليَّةِ وجَمالِ اللَّهْجَةِ المُوصِليَّةِ كالمُوسِيقى وزُرْقِ العُيُونِ مِنْ أجْيالٍ لِلأجْيالٍ، والمِياهِ والشَّلالِ، والمَسيحِيّينَ واليَزيديّينَ والنَّخيلِ والوَرْدِ والأزْهارِ، مِنَ العُلَماءِ والفَنّانينَ والمُثَقّفينَ مِنَ الخّاصَّةِ والعَوَامِ، مِنَ الذينَ إنتصرُو في الثّمانينيّاتِ حِينَ غَنّتْ الشُّعوبُ وملائِكةُ السّماءِ والمَقامِ، وكِبْرياءُ الليالي والأيّامِ. 2003... العُمَلاءُ مِن عِراقِيِّ الجّنسيّةِ وإيرانِيِّ الهَوى للكُلِّ يُهلّلون، عُمَلاءٌ عِراقِيّونَ سوريّونَ يَمنيّونَ لُبنانيّونَ فِلسطينيّونَ إيرانيّون ومُرْتَزَقةٌ إرهابِيّونَ، مَن هُمْ لِبَغدادَ كارِهونَ، وال "مَلالي" يَعْبُدونَ، ومِنَ الأزْبَالِ والزُّبَالَةِ جاءُو ويأتِيَ يَوْمٌ إلى الأزْبَالِ سَوْفَ يَعُودُونَ -- فَحِكْمَةُ الزَّمانِ: مَنْ يَأتِيَ مِنَ الأزْبَالِ يَعُودُ إلَيْهَا وإلَيْهَا يَعُودُ -- وأنقلبَتِ الأمُورُ، مِنَ مُجتَمَعِ الرُقِيّ والجّمَالِ، إلى مُجتَمَعاتِ الإنْحِطاطِ والأوْحالِ...! وأَعودُ بِقَلَمِي إلى سِحْرِ المَلَكيّةِ مُنْذُ أن بَدَأتْ فِي 1921 حِينَ أشْرَقَتِ الشّمْسُ على العِراقيّينَ وغَرَّدَتِ العُصْفورَةُ البِريطانيّةُ غيرترود بيل وغَنَّتْ "لِنَبنِيَ الدّارَ،" وجَلَسَ المَلِكُ فيصَلُ الأوّلُ على عَرْشِهِ وبَدَءَ قِطارُ السّعادَةِ وبَدَءَ المِشْوارُ، وساسون حسقيل ومدرسةُ شماش ونَعيم دنكور، وأجاثا كريستي التي أحَبّتْ بَغدادَ ودِجْلَةَ والكَعْكَ والشّايَ وساعَاتِ العَصْرِيّةِ والمَغْرِبِيّةِ والألْوانَ...، وأربعينيّاتُ الفّخْرِ والسِّيادةِ والغِنى والصّناعةِ والزّراعةِ والتّعليمِ والتنَوّعِ والفنِّ والأدَبِ والرّخاءِ، المَلْوِيَّةُ وسامَرَّاءُ، ورَوْعَةُ العِمارَةِ فِي سينَما الزَّوْراءِ...، يَهودٌ، مَسيحيّونَ، كِلْدانَ، سُرْيانَ، آشوريّونَ، مُسلِمونَ، يَزيديّونَ، صَابِئةٌ وباقِي أغصَانِ البَانِ "رَغْمَ جَرائِمِ الفَرْهودِ التي سأتَحَدّثُ عَنها لاحِقاً...،" وسُعادُ العمريّ حَسْناءُ الموصِلِ والمَلِكَةُ الحَسْناءُ رينِيه دنكور، وسَليمة مُراد وعفيفة إسكَندَر حَسْناءُ الأرْمَنِ والفَنُّ والسّينما وزُهُور حسين ويُوسف عُمَر وسِحْرُ المَقاماتِ والعُودِ، المَدارِسُ والمَعاهِدُ والجّامِعاتُ، المَناهِجُ والتَّغْذِيةُ المَدْرَسيّةُ والمُسابَقاتُ، ورُقِيُّ المَكتَباتِ، ونَظَافَةِ الشَّوارِعِ والطُّرُقاتِ، والعِراقِيُّ أحَبَّ العِراقَ كَبَيْتِهِ، لأنَّهُ يَسْتَحِقّ، فَحافَظَ عَلَيْهِ إذْ كانَ يَفْتَخِرَ بِهِ أمَامَ الشُّعُوبِ والحُكُوماتِ، حَلَويّاتُ الشَكَرجِي والطّائِرُ الأخْضَرُ والأُوروزدِي وأسْواقُ بَغْدادَ الأُولَى فِي بِلادِ العَرَبِ والمَحَلاّتِ، قِطارُ الشَّرْقِ السَّريعِ وأحْدَثُ السَيّاراتِ ورَوْعَةُ الطَيَرانِ والطّائِراتِ، وجوزفين حَدّادُ أوّلُ نِساءِ الشَّرْقِ وَهِيَ للطائِرَةِ تَقود، والجّميعُ سُعَداءٌ مُتَناغِمونَ، مُسلِمونَ مَسيحيّونَ ويَهودٌ...، مَلِكاتُ الجَّمالِ في خَمسينيّاتِ الرُقِيِّ المَعْهُودِ، الألقابُ الجَميلَةُ والباشا والبَشَواتُ والبيكُ والبَكَواتُ والخاتونُ والخَوَاتينَ والأُنوثَةُ وجَمالُ الفُسْتانِ...، وسِتّينيّاتُ الإنْقِلاباتِ والعُبُورِ، رَغْمَ نِفاقِ السّاسَةِ والعَساكِرِ والمُطْرِبينَ والمُغَنّينَ والبُورِ مِنَ النّاسِ ورَغِمَ القُلُوبِ البُورِ، ونِفاقِ ناظم الغَزالِي الذي غَنّى للمَلِكِ الحَبيبِ وناداهُ بالنُّورِ، والمَلِكُ نُورٌ، ثُمَّ غَنّى بَعِدَ ذلِكَ لِقاتِلِ المَلِكِ وناداهُ بِقاهِرِ الظَّلامِ وبانِيَ العُصُورِ...!! لكِنَّ الحَيَاةَ بِجَمالِهَا رَغْمَ الدُّمُوعِ تَسْتَمِرُّ، الحَسْناءُ سميرة زيدان ومَلِكاتُ الحُسْنِ والأُنُوثَةِ والسِّحْرِ، وعُرُوضُ الأزْياءِ والمَقاهِيَ والأغانِيَ ونازِكِ المَلائِكة وليالِي السّمَرِ، والفَنادِقُ والسّهَرُ، وقَضاءُ الليْلِ "فَوْقَ السّطْحِ" تَحْتَ ضَوْءِ القَمَرِ، والنّسيمُ العَليلُ والأمانُ والحَفَلاتُ وفريدُ وحليمُ وأم كلثوم ورَوْعَةُ الخانِ، والعُلَماءُ والمَوْهوبونَ والمُثَقّفونَ والمُسَابَقَاتُ والجّميلاتُ الحِسَانُ، أسْمَاءٌ وقاماتٌ وناظم بُطرس وسِهامُ السَبْتِي وسَليمُ البَصْري وعمّانوئيل وحَجّي راضِي وعَبّوسِي والدّارُ والدّوُرُ، والأعْراسُ والهَلاهِلُ والفَرَحُ والسُّرُورُ...، سَبعينيّاتُ الحُرِيّاتِ والأسْفارُ ومَعْرَضُ بَغْدادَ والإزْدِهارُ والأنْغامُ والطَّرَبُ، حُسْنُ النِّساءِ والشَّعْرُ المَسْدُولِ والقَصِيرُ وجَمالُ السّيقانِ التي تَمْشِيَ على الدَّرْبِ، وغَزَلُ الرِّجالِ ودَلالُ النِّساءِ ومَا خَلَقَ مِنَ العُيُونِ سُبْحانَكَ يا رَبُّ، والبابُ الشَرْقِيُّ والسّينَماتُ وشارِعُ السَّعْدونِ والمَلاهِيَ وعلى دِجْلَةَ يَسْهَرَ العِراقِيّونَ والعَرَبُ، والنّاسُ أحْرارٌ مَنْ يَشْرَبُ ومَنْ لا يَشْرَبُ، هِيَ الحُريّةُ... والحُريّةُ يا سَادَة، هَديّةٌ مِنَ الرَّبِّ، السّياحَةُ والسُّواحُ وقُوّةُ العُمْلَةِ والدّنانيرُ الوَرَقيَّةُ والفِلْسُ والمَعادِنُ والرَّنينُ، شَميم السّعودِ تَلْعَبُ الشّطرَنجَ وتَفوزُ بِبَرَاعَةٍ فِي بَرْلينَ، والفَرَيقُ و "الطُّوبَةُ" والرَّقْصُ والفَوزُ على إيرانَ فِي طَهْرانَ بِهَدَفِ حسين سَعيد والصُّرَاخُ والدُّمُوعُ والفَرَحُ والأهازيجُ، ومَصانِعُ الحَليبِ والألْبانِ والصُّوفِ والنَّسيجِ، والحُقولُ والمَزارِعُ والحَدائِقُ والنَّخيلُ والتَّمْرُ والعِنَبُ والتِّينُ، الرِّحْلاتُ العائِليّةُ والأوروبيّونَ والعِراقيّونَ والتَّعارُفِ والصَّدَاقَةُ وقِطارُ خانَقينَ، والسَّهَرُ والتَّمْثيليّاتُ والسِّينَمَا وقَلْبِي نارَك وخَشْم الوَلَد طار وكافِي يا معَوْدِين، والتِّلْفازُ والمُسَلْسَلاتُ وشَذى سالِم وفَتاةٌ في العِشرينَ، فَيُغْرَمُ النّاسُ أكثَرُ وأكثَرُ بالعِراقِيّينَ، لِيَأْتِيَ العَرَبُ والغَرْبُ فِي كُلِّ حِين...، ثَمانينيّاتُ المُوسيقى والرَّقْصُ والتَّصْنيعُ العَسْكَريُّ والفَرَحُ والسّعادَةُ رَغْمَ الحَرْبِ، وحَسْناءُ الإعْلامِ أمَل حسين بِجَمالِ عَيْنَيْهَا وإبْتِسامَتِها النَّقيّةِ، ونُجومُ مِصْرَ والخَليجِ، ومَعَ العِراقيّينَ بالنَّصْرِ يَحْتَفِلُ العَرَبُ، مَجلّتي والمِزْمارُ، والجَّرائِدُ والمَجَلاّتُ وألف باء، إقبال حامِد وخَمائِلَ وفِريال ومَديحة وسُهاد وشَيْمَاء، وحُسْنُ هِند كامِل والعُيُونُ والكُحْلُ وجَمَالُ الأرْضِ والسّماءِ، والمَحْبُوبُ عِزّي الوَهاب يَبْتَسِمَ للجَّميعِ ويَجْتَهِدَ ويَعْمَلَ ويُتَرْجِمَ ويَكْتُبَ مَسْرَحِيّاتِ الأطْفالِ وأصْدِقاءِ المَزْرَعةِ وللمَزْرَعَةِ أحْبابٌ وأصْدِقاءٌ، وسينَما الأطْفالِ ونِسرين جورج الجَميلَةُ الهادِئةُ، والنِّسْرُ وعُيُونُ المَدينَةِ وكَمْرَة ورِجَب، وإستراحَةُ الظَّهيرةِ والكوميديا والنَّقْدُ الهادِفُ دُونَ عَتَبٍ، الفَنُِّ والغِناءُ والثّقافَةُ والوَقارُ والأدَبُ، فائِق يَتَزَوّج والنِّساءُ والضّحِكُ مِنَ القَلْبِ، سينَما أطْلَسُ وأفْلامُ الأكشِنِ والكُوميديا والحُبِّ، حَسْناءُ الفَنِّ والرَّقْصِ ليلى محمّد سَكَنَتِ القُلُوبَ تارَةً بالإغْراءِ وتارَةً بحَيَاءِ الإُنُوثَةِ والأدَبِ، وجَمَالُهَا هَدِيَّةٌ مِنَ السَّماءِ والرَّبِّ، هُدُوءُ غازي فيصَل وقُوَّةُ مِقداد مُراد وأدَبُ نِهاد نَجيب، عَدَسَةُ الفَنِّ وخيريّة حَبيب، العِلْمُ لِلجَّميعِ وكامِلُ الدّبّاغُ والرّياضَةُ والبَدْرِي، الكوميديا العائِليَّةُ وأيّامُ الإجازَةِ، فؤاد سالم وياس وحَميد وحسين ونَخْلُ السّماوَةِ، ومَوّالاتُ سَعْدِي الحِلِّي، فاضِل عَوّاد والجَّمَالُ السُّومَرِيُّ، ونَظَرَاتُ العُيُونِ البابِليّةِ، سيتا هاكوبيان "فيروزُ العِراقِ" وحَلاوَةُ المَزْجِ بين التُّراثِ وجِيتارِ النَّغَماتِ الغَرْبيّةِ، أعيادُ المِيلادِ ورأسُ السَّنَةِ والأضْواءُ والألوانُ والأغانِيَ وما أنْدَل دّلّونِي، وليالِي رَمَضان والمُسَلْسَلاتُ والله بالخير وشلونَك أغاتِي وتِدّلَّل عيوُني، والسّمَكُ والمَقْلُوبَةُ والدّولمة والمَحْشِي والقُوزِي والبِرْيانِي، والشّوالكَبابُ واللحومُ المَشْويّةُ، والعُشَّاقُ والليالي والبيرَةُ والشَبابُ والحَبّانِيَّةُ، والشَمَالُ وأربيلُ وشَلاّل كلي عَلِي بك وشَقْلاوَةُ والرَّبيعُ والشَّبابُ والجَّمَالُ وسِحْرُ المَرْأةِ العِراقيَّةِ، وغَزَلُ البَناتِ وغَمْزُ العُيُونِ وذَوَبَانِ القُلُوبِ والتَّعَارُفِ وأرْقامُ الهَوَاتِفِ الأرْضِيَّةِ، والأعْيادُ والصَبَاحُ الباكِرُ والكاهِي والمَحَلَّبِي "الكليجَةُ أُمُّ التَّمُرِ" والكاستَر والبَقلاوَة والزلابيَة وزِيارَةُ الصَّغيرِ للكَبيرِ والإحْتِرامُ والأُصُولُ واللَّمَّةُ العائِلِيَّةُ، والكِبَارُ والصِّغارُ والأجْدادُ والجُدُودُ "وجِدُّو وبِيبِي ونانا" والعِيديَّةُ، والإنْشادُ والفنُونُ الشّعْبِيّةُ، والدّبْكاتُ الكُرْدِيّةُ، والرّقَصَاتُ البَصْراوِيّةُ، والإهْزاجُ والأهازيجُ والأغانِي الرّيفِيّةُ، الدّانَةُ والرَّشيدُ والأجْراسُ وفِرَقٌ عِراقِيَّةٌ، ساسوكي وسِندبادُ والليْدي أوسكار، وعدنانُ ولينا وعَبْسِي وبَشّارُ، وأفْلامُ كَرْتونِ بَعْدَ الظُّهْرِ والإنْتِظارُ، إفْتَحْ يا سِمْسِم والسَاعةُ السَادِسَةُ والعَصْرِيّةُ، وهوسانيانج وحافّةُ المِياهِ وحافّاتُهَا الصّينيّةِ بإثارَةٍ يابانِيّةٍ، والمُعَلِّمُ إذا مَرَّ فِي الطَّريقِ أو الشّارِعِ هَرَبَ مَنْ هَرَبَ أو وَقَفَ مَنْ وَقَفَ مِنَ التَّلامِيذِ أو الطُّلاّبِ والطّالِباتِ وطأطأَ مَنْ بَقِيَ الرَّأسَ خَجَلاً أو إحْتِراماً أو خَوْفَاً أو حُبَّاً للمُعَلّمِ أو المُدَرِّسِ أو المُدِيرِ أو المُديرَةِ كوَالِدٍ وأبٍ وأُمٍّ، وكانَتِ الأُصُولُ التَّرْبَوِيَّةُ وكانَتِ التَّرْبِيَةُ...، هِيَ عَقْدٌ وما تَلاهَا... والتّسعينيّاتُ والأحْزانُ والشَّهيدَةُ نِضال فاضل التي قَتَلَتْها أمريكا بِطائِراتِها فِي العامِريّةِ، والصّواريخُ فَوْقَ الدّارِ، والشَّهيدَةُ ليلى العَطّارِ -- مِن أجْمَلِ ما خَلَقَ الرَّبُّ من نِساءِ بابلَ وآشورَ وسُومَرَ والفَنِّ والرَّسْمِ والضِّياءِ والفَنَارِ، والتي غارَ مِنْها القَمَرُ ومِن جَمَالِها الجَّمَالُ غَارَ -- والحَسْناءُ المُهاجِرَةُ سُعاد العَطّار، وسِحْرُ العُيُونِ والأُنوثةِ والحَيَاءِ، التّوْعِيَةُ وثَقافَةِ المُرورِ، الأمانِي الضّالةُ وأبو البَلاوي والخَيْطُ والعُصْفورُ، يَحيى إدْريسُ والمَقَامُ والطَّرَبُ وأصْلُ المُوسيقى والجُّذُورِ، المَطاعِمُ مِنَ الكَرّادَةِ والصَّخْرَةِ إلى المَنْصُورِ والوَزيريَّةِ وسِحْرِ الأعْظَميَّةِ وأضْواءِ أبِي حَنيفَةِ والمَقْبَرَةِ المَلَكيَّةِ ورأْسِ الحَوَاشِ وجَمالِ بَنَاتِ الحَريرِي ومَكْتَبَةِ الصَّباحِ وقاسِم والكَصِّ مَعَ الصَّمُّونِ أو خُبْزِ التَّنُّورِ، وَليد حَبُّوش وخالِد جَبُر والمَرسَمُ الصّغيرُ، ورَغْمَ الحِصارِ يَسْتَمِرُّ التَّعْميرُ، والمَجالِسُ ومَقَاهِيَ التَّحْريرِ، دجلةُ وأبو نُؤاسٍ والسَمَكُ واللياليَ والشَّبابُ والنِّساءُ والخَمْرُ، وصَوْتُ فَيْروزَ فِي الصَّباحِ وأُمُّ كلثومَ وَقْتَ السَّحَرِ...، تَصَوّرْ جَمالَ الحَياةِ وتَصَوَّرْ! تَصَوَّرْ أنْ تَنْهَارَ أرْضٌ كُتِبَتْ فِيهَا شَرِيعَةُ حَمُّورابِي وهِيَ ثانِي أقْدَمُ الإكْتِشافاتِ القانُونيَّةِ فِي تأريخِ البَشَرِ والقَوانينِ المَدَنِيَّةِ والمَكْتُوبَةِ "بَعْدَ قَوانِينِ الملكِ لبت عِشْتَار "وتَعْنِي لَمْسَةُ الآلِهَةِ عِشْتَار" وسُومَرَ فِي بابِلَ وديالى وشَرْقِ بَغْدادَ" فِي مَسَلَّةٍ سُنَّتْ فِيهَا وعَلَيْهَا 282 مِنْ القَضاءِ والجَّيْشِ وحُقُوقِ النَّاسِ والجِّيرَةِ والحُقُولِ والزِّراعَةِ والبَسَاتينِ والرَّيِّ والتَّصامِيمِ والمِياهِ والبَيْعِ والأسْعارِ والتَّسْعِيرِ والتِّجَارَةِ والسَّرِقَةِ والعُقُوباتِ...، وسُرِقَتْ ونُقِلَتْ مِنْ بابِلَ العِراقِيَّةِ إلى عِيلامِ الفارِسيَّةِ بَعْدَ غَزْوِ بابِلَ "والتأريخُ يُعيدُ نَفْسَهُ ولا عَجَبَ فِي هذا!!" لِيَتِمَّ إكْتِشافُهَا وإنْقاذُهَا لِتُحْفَظَ المَسَلَّةُ اليَوْمَ فِي مُتْحَفِ اللُّوفَر فِي بارِيس، وأجْزاءٌ أُخْرَى فِي مَتَاحِفِ أسطَنبُولِ والقُدْسِ -- وعِنْدَمَا دَرَسْتُ الإدَارَةَ فِي ألمانيا أُعْجِبَ الجَّميعُ وتَعَجَّبَ مِنْ عَشَراتِ القَوانينِ التي كٌتِبَتْ وسُنَّتْ بِعَدْلٍ ودِقَّةٍ، وكُنْتُ فَخُوراً بِذَلِكَ! تَصَوَّرْ أنْ تَنْهارَ نَيْنَوَى العَظيمَةُ وسُلالَةُ سُرْجُونَ ومُلُوكُ آشُورَ ومَلِكُ الحَرْبِ والسَّلامِ سَنْحاريب! تَصَوَّرْ أنْ تَنْهَارَ أرْضُ مَلِكَةِ الكَوْنِ سَميرأميس حَسْناءِ آشُورَ وحَمَامَةِ النَّهْرَيْنِ دِجْلَةَ والفُرَاتِ وبابِلَ وأرمِينيا وفارِسَ وكُلِّ الشَّرْقِ وأمَلِ كُلِّ حَبِيبٍ! أنْ تَنْهَارَ بَقَايَا بَوَّابَةِ عِشْتارَ التي إكْتَشَفَ أحْجَارَهَا الأصْلِيَّةَ عُلَماءُ بَرْلينَ لِتُحْفَظَ فِيهَا لِيَراهَا البَعِيدُ والقَرِيبُ...، أنْ تَنْهَارَ حَدائِقُ بابِلَ بِجَنائِنِهَا المُعَلَّقَةُ التي بَناهَا ملكُ بابِلَ وكِلْدَانَ نبُوخذنصّر الثانِي "بانِي بَوَّابَةِ عِشْتارَ إهْداءً لِبابِلَ" لإرْضاءِ زَوْجَتِهِ الفارِسيَّةِ الحَسْناءِ التي كانَتْ تَبْكِي شَوْقاً إلى جِبالِ فارِسَ وجَمَالِ حَدَائِقِهَا العالِيَةِ -- وعِنْدَمَا دَرَسْتُ الماجِسْتيرَ فِي ألمانيا وما قَبْلَهَا وبَعْدَهَا وحَلَّقْتُ فِي التأريخِ والحَضاراتِ والسِّياسَةِ وعِلْمِ الإجْتِماعِ والعِمَارَةِ تَوَقَّفْتُ والبروفيسُورُ الألمانِيُّ طَويلاً فِي رَوْعَةِ الحَدَائِقِ وخَرَائِطِهَا الأصْلِيَّةِ ودِقَّةِ العِمَارَةِ والتَّصَاميمِ وعَبْقَريَّةِ نِظامِ الرَّيِّ والإرْواءِ ونَقْلِ المِياهِ وإنْسِيابِهَا بِدِقَّةٍ ومِنْ مُخْتَلِفِ المُسْتَوَياتِ رَغْمَ صُعُوبَاتِهَا ورَغْمَ حِسَاباتِ المِياهِ وضُغُوطِهَا، فَجَعَلَتْ مِنْهَا تُحْفَةً مِعْمَاريَّةً ومِنْ عَجائِبِ العالَمِ القَديمِ، وكُنْتُ فَخُوراً بِذَلِكَ وفَخُوراً بأرْضِ أجْدادِي! وأذْكُرُ هُنَا ما ذُكِرَ فِي كِتابِ ومُذَكَّراتِ مُرَبيَةِ المَلِكِ الحَبيبِ فيصَل الثّانِي والتي كَتَبَتْ فِيهَا بَعْضَ أحادِيثِهَا الجَّميلَةِ "والدَّرْدَشَةَ" مَعَ المَلِكِ الصَّغيرِ وقَوْلَهُ أنَّ لَديْهِ أحْلامَاً وآمَالاً ومِنْهَا أنَّهُ سَوْفَ يَعْمَلَ بِجِدٍّ عِنْدَما يَكْبُرَ ويَحِينَ وَقْتُهُ لِيَجْعَلَ العِراقَ كُلَّهُ حَدائِقَ وجِنَانٍ مُعَلَّقَةً وسَوْفَ يَكونَ طَيّاراً كأبِيهِ المَلِكِ غازِي لِيَطيرَ فِي سَمَاءِ العِراقِ ويَرَى كُلَّ هَذا الجَّمَالِ! تَصَوَّرْ أنْ يَنْهارَ كُلُّ هَذا التأريخِ وتَنْهَارَ الأحْلامُ والآمَالُ!! وهَكَذا، تَغَيَّرَ وإنْهارَ كُلُّ شَيءٍ فِي 2003 مِنَ الحَجَرِ إلى البَشَرِ!! مِنْ كُلِّ هذا الرُّقِيِّ والجّمالِ إلى 2003... الميلشياتُ والعِصاباتُ والأمْراضُ والدّمَارُ والأوْساخُ مِنَ النّاسِ والأزْبالُ مِنَ البَشَرِ والخَلْقِ، ويأتِيَ مَنْ يأتِيَ مِنَ الخَلْقِ والمَخْلُوقاتِ والحَشَراتِ الأرْضِيَّةِ... حَنان الفَتْلاوي عاشِقَةُ الفِتْنَةِ الطَّائِفيَّةِ، التي إحْتارَ فِيهَا الزَّمَانُ فِي الفَرْقِ بَيْنَ الإنْسانِ والبَشَرِ فَأرادَتْ قَتْلَ شَبابٍ مِنَ السُّنَّةِ "العِراقِيّينَ" فِي مُقابِلِ كُلِّ شابٍّ شِيعِيٍّ "عِراقِيٍّ" يَمُوتُ... حِساباتُ الشَّيْطانِ والمَوْتِ!! وعادِل عَبدُ المَهْدِي الذي كانَ يَحْكُمَ ويَقْتُلَ يَسْرِقَ ويُحَوِّلَ أمْوَالَ نَفْطِ العِراقِ وبِتْرُولِهِ إلى إيرانَ لِيَلْطُمَ بَعْدَهَا عَلى الحُسَيْنِ لِسَاعاتٍ! وأيَاد علاّوي والتَّآمُرُ والخِيانَةُ والغَدْرُ وفَتْحُ أبْوابِ بَغْدادَ للدَبَّاباتِ والصَّفَقَاتِ! ونُورِي المالِكيُّ الذي أقْسَمَ على تَدْميرِ العِراقِ وإفْلاسِهِ "بِتَسْجيلٍ فِي طَهْرانَ" ونَجَحَ مَعَ إبْنِهِ فِي ذلِكَ فَسَرَقُو المَصَارِفَ بدَنانيرِهَا بِسَبَائِكِهَا بِخَزائِنِهَا بِدُولاراتِهَا بِبَابا غَنُّوجِهَا ولَمْ يَتَبَقَّى إلاّ الأرْضِيَّةَ!! ومُنِير حَدّاد والأحْقادُ، وزيباري والأوْغادُ، والأعْرَجِي والمَشْهَدانِي والصّفَقَاتُ، والدَّبّاغُ والكَذِبُ والسَّرِقاتُ، وصادِقُ المُوسَوِيّ والرَّغْبَةُ فِي الإنْتِقامِ مِنَ العِراقِ وشَعْبِهِ والبَدْءِ بِأصْحابِ الشَّهاداتِ لِعُقْدَةٍ فِي نَفْسِهِ بِحِرْمانِهِ مِنْهَا حّتّى الإبْتِدائِيَّاتِ!! ومُوَفّق الرُّبَيْعي الذي يَكْرَهَ العِراقِيّينَ بِشِدَّةٍ وعُرِفَ عَنْهُ الكَذِبُ والإضْطِرابُ النَّفْسِيُّ وغَرَابَةُ العَادَاتِ!! وأحمد الجَّلَبِي الذي سَرَقَ البَنْكَ المَرْكَزِيَّ، لِنَصِلَ بِقِطارِ العَمَالَةِ إلى هادِي العامِرِيُّ، وكانَ بِقُوّاتِهِ "بَدْر" يُعَذِّبَ الأسْرى العِراقِيّينَ فِي إيرانَ ثُمَّ أصْبَحَ وَزيراً على العِراقِيّينَ يَنْقُلَ السِّلاحَ والمالَ والمُخَدَّراتِ لِيَقْتُلَ الشَّبابَ ويُخَدِّرَ، وتِلْكَ الأقْدارُ والقَدَرُ، وما أدْراكَ بالزَّمانِ إذا بالأَوْطانِ سَخِرَ، والفَيّاضُ وميلشياتُ الحَشْدِ والقَتْلِ، والحَكيمُ وعِماماتُ النِّفَاقِ والجَّهْلِ، والصَّدرُ والإنْتِقامُ بإسْمِ السَّرايَا والسَّلامِ، والخَزْعَلِيُّ والعَصَائِبُ والعِصاباتُ والقَنابُلُ وتَفْخيخُ السَّيّاراتِ وإخْفاءِ الصَّوَاريخِ خَلْفَ الرُّكَامِ، والسّهيلُ والرَّيِّسُ وجَهْلُ "السُّفَراءِ" بالسِّياسَةِ الخارِجيَّةِ والغَباءُ، وعالية نصيّف المَحْسُوبَةُ ظُلْمَاً وخَطَأً وسَهْواً على مَعْشَرِ النِّسَاءِ -- التي إنْ نَظَرْتَ إليْها أصَابَكَ العُقْمُ وغابَتْ عَنْكَ شَهِيّةُ الطَّعامِ والمَاءِ والنِّساءِ!! وعِمَامَةُ النِّفاقِ وعِقالُ الشِّقاقِ وبَدْلَةُ الخُبْثِ وثَوْبُ الأسْقامِ، والأحْزابُ والصَواريخُ وكاتِمُ الصَّوْتِ والقَتْلُ فِي النّهارِ وَسَطَ الزِّحَامِ، عادِي، تِلْكَ هِيَ الأيَّامُ! والوَزيرُ "الصّالِحُ" عَدْنان الباجَجِيّ الذي جاءَ مَعَ "الهَمَجِ" والغَوْغَاءِ لِيُشَوِّهَ تأريخَهُ ويُلَوِّثَ سُمْعَتَهُ وما عُرِفَ بِهِ وعَنْهُ مِنْ رُقِيٍّ وذَكاءٍ وهُدُوءٍ!! والحُدودُ مَفْتوحَةٌ مِن كُلِّ الجِّهاتِ، والحَرَسُ الثّوْرِيُّ وفَيْلَقُ القُدْسِ والعِصاباتُ والسِّلاحُ والمُخَدَّراتُ، والجِّنُّ والجَّانُ والأفاعِيَ النِّيامُ، و "الشرُوك" وهُم اليَوم فَنّانونَ وسَاسَةٌ وضُبَّاطٌ وقُضَاةٌ ومُحامِونَ ومُهَنْدِسونَ ورُؤساءُ جامِعاتٍ وبَرلَمانيّونَ وصَحفيّونَ وإعْلامِيّونَ و "نُجومُ"  تِلْفازٍ وعُرُوضٍ وبَرامِجٍ ومُسَلْسَلاتٍ، بَلْ ومُديرُو شَبَكاتِ إعْلامٍ وفَضائِيَّاتٍ!!! هُوَ زَمَانُ الجَّهْلِ والخُرَافاتِ والأوْهَامِ، وهِيَ مَواكِبُ الدّموعِ واللَّطْمِ والخِيَامِ والأتْرابِ والأوْحَالِ، والرَّكْضُ والصُّرَاخُ والدِّمَاءُ والمَجامِيعُ والزَّناجيلُ، والسِّيوفُ والطُّبُولُ والأطْبالُ، وجِنْسِيَّاتٌ وبَشَرٌ وألْوانٌ وأشْكالٌ، هُوَ الهَوَاءُ المُلَوَّثُ وهِيَ الرَّوَائِحُ والأزْبالُ، والنِّفَاياتُ والأمْراضُ والعَدْوَى والأسْقَامُ!! وبَعْدَ ثَلاثِ سَنَواتٍ مِنَ الغَزْوِ والإنْهِيارِ ومُحاكَمَاتٍ عَبَثِيَّةٍ وإنْتِقاميَّةٍ لِإهانَةِ وادِي الرّافِدَيْنِ وإذْلالِ العِراقِ والعِراقِيّينَ أُعْدِمَ صَدّام حسين وكانَ للعِراقِ آخِرُ رَئيسٍ شَرْعِيٍّ، فِي يَوْمٍ تَمَّ إخْتِيارُهُ بِعِنَايَةٍ مِنْ خامَنئِيّ، وتَمَّ الإعْدامُ بِتَوْقِيعِ عَميلِهِ "المُفَضَّلِ" نُوري المالِكِيّ، وبِحُضُورِ مُقْتَدى الصَّدِر الزَّعيمِ الأُمِّيِّ، وأحَدِ أبْناءِ شُيُوخِ الكُوَيتِ الذي أصَرَّ عَلى أنْ يَكُونَ فِي حَفْلَةِ الإنْتِقامِ الوَحْشِيِّ، ورَقْصَةِ الشَّيْطانِ البَرْبَرِيِّ، وقَدْ دَفَعَ المَلايينَ لِهذا الأمْرِ المَصيرِيِّ، وبِحُضُورِ ضابِطٍ أمريكِيٍّ، ومَجْمُوعَةٍ مِنَ حُثالَةِ إيرانَ والغَرْبِ والشَّرْقِ العَرَبِيِّ، وغابَ عَن المَشْهَدِ الأشِقَّاءُ والشُّرَفاءُ مِن المَغْرِبِ العَرَبِيِّ، ورَفَضَ المالِكيُّ أنْ يَتِمَّ إكْمالُ التَّصْويرِ بَعْدَ أنْ فاجَأَ صَدّامُ حسينَ الجّمِيعَ لِيَقِفَ شُجاعَاً بَيْنَمَا القَتَلَةُ يَرْتَجِفُونَ!! وحَدَثَ ما حَدَثَ وأُكْمِلَ التَّصْويرُ بأمْرِ الضّابِطِ الأمريكِيِّ، فَلا تُوجَدُ جَريمَةٌ كامِلَةٌ بَلْ هُوَ الغَبَاءُ والحِقْدُ الأعْمَى وهُمُ المُجْرِمُونَ، والخَفافيشُ تَرْقُصُ فِي الظَّلامِ ولا تَرْقُصَ بَعْدَ الشُّرُوقِ، وتَمَّ الأمْرُ وهُزِمَ الشّانِقُ وأنْتَصَرَ المَشْنُوقُ!! وأقامَ "رَئِيسُ الوِزَارَةِ والوِزَرَاءِ" فِي تِلْكَ اللَيْلَةِ حَفْلاً رَقَصَ وسَكِرَ فِيهِ الجَّميعُ مِنَ العُمَلاءِ والجُّهَلاءِ والشُّعَرَاءِ مِنَ المِعْدانِ والمُنافِقينَ والرّاقِصينَ عَلى كُلِّ الأحْبَالِ وهُمْ يَدَ "الزَّعيمِ" وقَلَمَهُ الذي وَقَّعَ بِهِ الإعْدامَ يُقَبِّلونَ، وهُمْ أنْفُسُهُم اليَوْمَ لَهُ يَشْتِمُونَ وأسْلافَهُ يَلْعَنُونَ!! لا تَتَعَجَّبْ! فَلا زِلْنَا فِي أرْضِ النِّفَاقِ، وهُوَ النِّفَاقُ، يا هِنْدُ، هُوَ النِّفَاقُ!! ودُعِيَ إلى الحَفْلِ ضُبَّاطٌ مِنْ مُخابَراتِ الأمريكانِ والبِريطانِيّينَ والألْمَانِ والكَثِيرُ مِنَ الجَّميلاتِ، وتَطَايَرَ "الغُبَارُ" والوِيسكِي والنَّبيذُ مَعَ أفْخاذِ الرّاقِصاتِ والكاوليّاتِ، وتَطَايَرَتْ مَعَهَا المَلابِسُ الدّاخِليَّةُ "إنْ وُجِدَ أو تَبَقَّى شَيءٌ مِنْهَا" لِتَرْقُصَ العَذَارَى والعَذْراواتُ، والزَّوْجَاتُ والبَاقِياتُ الصَّالِحَاتُ، وقُبَلٌ وآهاتٌ وأفْلامٌ فَاقَتْ فِي "حَلاوَتِهَا" أفْلامَ ميرفَت أمين وسُهير رَمزِي ونَجْلاء فَتْحِي وجَمَالَ السّبْعِينيّاتِ، ونَامَ مَنْ نَامَ وصَوَّرَ مَنْ صَوَّرَ، ورَقَصَ مَنْ رَقَصَ، وسَكِرَ مَنْ سَكِرَ، وسَكِرَ أحَدُهُم وأكْثَرَ، ثُمَّ قَفَزَ هذا "الرَّجُلُ" عَلى ذاكَ وقَبَّلَ هذا صاحِبَهُ بالخَطأِ ويَدُهُ عَلى "رَأْسِهِ" فَأعْتَذَرَ، لِيَرُدَّ الصَّديقُ قائِلاً "حَبيبِي، ولا يهِمَّك!!" وضَرَبَ مَنْ ضَرَبَ وهَرَبَ مَنْ هَرَبَ "وبَقِتْ مَلْيَطَة... وكوميديا مِلْح وسُكَّر!" وتَشَابَكَتِ الأصَابِعُ والشِّفاهُ والشَّفَهَاتُ، وإخْتَفَتِ "بِقُدْرَةِ قادِرٍ" الفَسَاتِينُ والكَلْسُوناتُ والتَنُّوراتُ، وإرْتَفَعَ الصُّرَاخُ وإزْدادَتِ الآهاتُ، وأَخْتَفَتْ مَعَهَا السَّرَاويلُ، وأرْتَفَعَتِ المَوَاويلُ، لكِنَّهَا الأعْمارُ والأقْدَارُ و"ماكُو حِيل..." وعَلى اللهِ قَصْدُ السَّبيلِ، وفَجْأَةً ظَهَرَتْ وتَطَايَرَتِ الفياجرا والسيلدينافيل، فَصَفَّقَ الجَمِيعُ فَرَحاً بالنَّجَاةِ، ورَحِمَ اللهُ نَجَاة، إذْ قالَتْهَا آخِرَ الليْلِ وَغَنَّتْ وقْتَ السَّحَرِ، أنا بَعْشَقِ البَحْرِ، وصَاحَ الدِّيكُ صَيْحَةً الفَجْرِ، هَلُمَّ يا رَجُل، إفْرَحْ، إرْفَعْ رأسَكَ، لَقَد حَضَرَتِ الفياجرا، ورَقَصَ الجَّميعُ، ورَدَحَ الكُلُّ فَرَحاً بالرَّبيعِ، وشَكَرُو اللهَ لِنِعْمَةِ "السِّقايَةِ" والمَطَرِ، وتَحَوَّلَ الرَّجُلُ مِنْ "حبُّوب وكيوت وبَرَكَة" إلى وَحْشٍ كاسِرٍ، وصَرَخَ وَلِيُّ الأَمْرِ "واقِفَاً" عَلى الفِراشِ "أنا رُشدي أباظة أنا فَريد شَوقِي أنا غَسّان مَطَر..." وهَلَّلَتِ البَنَاتُ البِكْرُ، والنِّسَاءُ بالأحْمَرِ والتِّرْتِرِ، وجَاءَ الفَرَجُ فِي حَبَّةٍ أو حَبَّتَيْنِ أو ثَلاثِ حَبَّاتٍ، يارَبُّ، يا مُسَهِّلُ، فَهُوَ الشَّيْبُ وهُوَ السِّنُّ وهِيَ الأعْمارُ، واللهُ حَليمٌ سَتَّارٌ...، بَعْدَهَا، زَادَ الحَمَاسُ واللهُ المُسْتَعَانُ، وفِي غَفْلةٍ وغِرَّةٍ خُلِعَتِ القُمْصَانُ، ومَرَّةً أُخْرَى إخْتَفَى الفُسْتَانُ، والشَّقْراءُ مِنْ غُرْفَةٍ لِأُخْرَى تَمْشِي والقَدَحُ مُلآنٌ، وتُغَنِّي والفَمُ مُلآنٌ "طالعَة مِن بيت أبوها رايحَة لبِيتِ الجِّيرانِ،" وظَهَرَ الحَريرُ الأسْوَدُ والأبْيَضُ ومَعَهَا البِيجاماتُ، وكانَتْ مِنْ قِطْعَةٍ أو قِطْعَتَيْنِ أو "حَسَبِ الطَّلَبِ" مِنْ ثَلاثِ قِطْعَاتٍ، مِنْهَا بِزَهْرَتَيْنِ ومِنْهَا بِثَلاثِ وَرْداتٍ، رَنَا وسُعَادُ وريمَا ورَشَا ومايا ولارا وسَمَرُ، وغُيِّرَ عَلَمُ العِراقِ وأُزيلَتْ عِبَارَةُ اللهُ أكْبَرُ، وتَمَّ إسْتِبْدالُهَا بِ "إنْتَ عُمْرِي!" وكُتِبَتْ بِالأحْمَرِ، وأصْبَحَ شِعَارُ الدَّوْلَةِ "تَعَا... ولَيْسَ تَعَال... يا رُوحِي إنْتَ... يا أزْعَرُ" وذَابَتِ القُلُوبُ والأبْدانُ وذَابَ البَشَرُ، ثُمَّ تَعِبَ الجَّميعُ بَعْدَ لَيْلَةِ ال +18 هَذِهِ ونَامُو فِي الغُرَفِ والصّالاتِ، والحِمَايَةُ "الله يِحْمِيهُم" مَعَ القَنَانِي فِي السَيَّاراتِ... والثَّعْلَبُ "الشَقِيُّ" فَاتَ، وفَاتَ وفَاتَ وفَاتَ...، ونَفْسُ الثَّعْلَبِ بَعْدَ أنْ كانَ "واقِفَاً" كالأسَدِ خَرَجَ وسَقَطَ أرْضَاً وتَعِبَ... والثَّعْلَبُ "النَّعْسَانُ" أصَابَهُ النُّعَاسُ والتَّعَبُ ونَامَ ومَاتَ، ومَاتَ ومَاتَ ومَاتَ...، وأسْتَمْتَعَتِ العَصَافيرُ بِفِلْمِ الوَزِيرِ، الذي وُزِّعَتْ مِنْهُ نُسَخٌ ومِنَ النُّسَخِ كَثِيرٌ، فِي بِلادٍ كَثيرَةٍ وقارَّاتٍ بِأمْرِ العِراقِيِّ الأمريكِيِّ المُديرِ، وفِي بَيْتِ المُديرِ بِيرٌ وزِيرٌ، وكانَتْ أحْلامُ العَصَافِيرِ، وتُصْبِحُونَ عَلى خَيْرٍ!! وظَنَّ أُولَئِكَ أنَّ الأمْرَ قَدِ إنْتَهَى وَبَانَ، ولَمْ يُدْرِكُو أنَّ بَعْدَ عِشْرينَ سَنَةٍ مِنْ لَيْلَةِ الإعْدامِ والرَّقْصِ بالحِبَالِ عَلى الجُّثَثِ أنَّهُ قَدْ يَأتِيَ الحِينُ ويَدُورَ الزَّمَانُ، وتَنْقَلِبَ الأُمُورُ عَلى رُؤوسِهِم كَمَا عَلَّمنَا التأريخُ وقالَتْ لَنَا الأزْمَانُ... لكِنَّهُ الإنْسانُ ونِعْمَةُ أو "نِقْمَةُ" النِّسْيانِ!! وأعودُ إلى عِراقِ هَذِهِ الأيَّامِ أو ما تَبَقَّى مِنْهُ ومَا يَحْدُثَ فِيهِ والمُجْتَمَعَاتِ وأشْكالِ الحَيَاةِ... وبَعْدَ تَدْقيقٍ ومَسْحٍ وإطِّلاعٍ عَلى "الكَثيرِ، ولَيْسَ الكُلّ" مِنْ المَدَارِسِ فِي عِراقِ ما بَعْدَ 2003 وَجَدْتُ أُمورَاً لَمْ أتَخَيَّلَ أنّهَا سَتَكونَ حَقائِقَ فِي أرْضٍ وحَضَارَةٍ عَلَّمَتْ أهْلَ الأرْضِ الكِتابَةَ والفَلَكَ وحِسَابَ الوَقْتِ والزَّمَانِ والعُلُومَ والحِكْمَةَ والأُصُولَ!! فَوَجَدْتُ أطْفالَ المَدَارِسِ اليَوْمِ لا يَتَعَلَّمُونَ العُلُومَ والفَضَاءَ والآثَارَ والطَّبيعَةَ والمُوسيقَى والتأريخَ وجَمَالَ الأدْيانِ والثَّقافاتِ والتَنَوُّعَ والتَّعايُشَ والإنْسِجامَ والتَّعَلُّمَ مِنَ الشُّعُوبِ والفُنُونَ الشَّعْبِيَّةُ، ولا العاداتِ الصِحّيَّةَ والأنْشِطَةَ الرِياضِيَّةَ، بَل يَتَعَلّمُونَ دُعاءَ الشّيعَةِ فِي الصَّبَاحِ الباكِرِ وإنْتِظارِ المَهْدِيِّ فِي المَدارِسِ والصُّفوفِ اليَوْميّةِ!! ولا إحْتِرامَ ولا خَوْفَ ولا وَقَارَ ولا تَرْبِيَةَ، وقِيمَةُ المُعَلِّمِ أصْبَحَتْ صِفْرِيَّةٌ! وهَكذا... هِيَ ظُلْمَةُ العُقولِ والظُّلُمَاتُ الفارِسيّةُ، لا تَعْليمَ لا كَرامَةَ لا وَظائِفَ لا ماءَ لا طاقَةَ لا زِراعَةَ لا صِناعَةَ لا فَرَحَ لا أمَانَ إلاّ بِشُروطٍ إيرانيّةٍ! ومَنْ سَاعَدُو الغَرْبَ فِي إحْتِلالِ العِراقِ وتَدْميرِهِ وحَرْقِ الكَنائِسِ والمَساجِدِ والمَعابِدِ والبُيُوتِ وقَتْلِ العِراقِيّينَ يَظْهَرُونَ على الشّاشاتِ الإيرانِيَّةِ "العِراقِيَّةِ" وهُمْ يَحْكُونَ ويَفْتَخِرونَ بأنَّهُم ساعَدُو المَعْتُوهَيْنِ بُوش وبلير فِي إحْتِلالِ العِراقِ! وهُنا، كَيْ يُفْهَمَ الأمْرُ، خَطَرَ عَلى بالِيَ لِأقولُ... نَحْنُ نَعْلَمَ، أو بالنِّسْبَةِ لِي، أنّ الإجْرامَ والجَّريمَةَ والغَدْرَ مَعَ الخَلْقِ والإنْسانِ قَدْ بَدَأَ وخُلِقَ، فأولادُ آدَمَ كانَ فيهِم الخَيْرُ والشَّرُّ، وكانَ فِيهِم الصّالِحُ يَرْعَى الخِرافَ وقَدَّمَ أفْضَلَ خِرافِهِ قُرْباناً للرَّبِّ لأنَّهُ أحَبَّ الرَّبَّ وتَقَرَّبَ إليْهِ بِقَلْبِهِ -- وأخٌ آخَرُ زارِعٌ للأرْضِ والحَرْثِ كانَ فيهِ شَرٌّ وأحَبَّ نَفْسَهُ أكْثَرَ مِنَ الرَّبِّ، وجَمَعَ الشِّرّيرُ الفاسِدَ مِنْ زَرْعِهِ وقَدَّمَهُ قُرْباناً للرَبِّ وتَقَرَّبَ إليْهِ بِعَقْلِهِ لا بالقَلْبِ، ونَسِيَ أنَّ اللهَ رَبٌّ للقُلُوبِ قَبْلَ العُقُولِ، فَتَقَبَّلَ اللهُ قُرْبانَ الصّالِحِ ورَفَضَ نِفاقَ الشِّرّيرِ، فَغَضِبَ الشِّرّيرُ وغارَ وكَرِهَ أخَاهُ وحَقَدَ عَلَيْهِ، والحِقْدُ مِنْ مَقَاماتِ العاطِفَةِ وفُصُولِ شَرِّها، وقَتَلَهُ وحَدَثَ هذا فِي بِداياتِ الخَلْقِ والأيَّامِ بِوُجودِ الرَّبِّ والخالِقِ وحُكْمِهِ...، فَكَيْفَ بأيَّامِنَا ولَمْ تَبْقَى إلاّ الكِتاباتُ والكُتُبُ، والخالِقُ بَعِيدٌ وقَريبٌ؟! وهَلْ يَكُفَّ الشِّرِّيرُ عَنْ شَرِّهِ وقَتْلِهِ لِأخيهِ دُونَ رَقيبٍ؟! أنَا أعْتَبِرُ، مَثَلاً، أنَّ هِتْلَر هُوَ مِنْ أشَدِّ الزُّعَماءِ إجْراماً فِي تأريخِنا المُعاصِرِ، فَلَو أجْرَيْتُ مَسْحَاً إجْتِماعِيَّاً وسِياسيَّاً للتأريخِ لَوَجَدْتُ مُجْرِمينَ وقَتَلَةً هُنا وهُناك، وكُلٌّ لَهُ أسْبابُهُ وأوْهامُهُ الصَّغيرَةُ والكبيرَةُ، مِثْلَ هُولاكو الذي قَتَلَ أهْلَ بَغْدادَ وأبْكى دِجْلَةَ وأحْرَقَ بَغدادَ ومَعَهَا كُتُبَ السَّماءِ والأرْضِ...، إلى ستالين الذي قَتَلَ وعَذَّبَ المَلايينَ...، إلى تشِرشِل الذي قَتَلَ عَشَائِرَ العِراقِ بالغازِ فِي العِشرينيّاتِ وأحْرَقَ مُدُنَ أيرلندا الثَّائِرَةَ وجَوَّعَ وقَتَلَ أهْلَهَا، فَقَط، لأنَّهُم أرادُو الحُريَّةَ والكَرامَةَ والإسْتِقْلالَ...! لكِنَّ هِتْلَر قَتَلَ المَلايينَ بأجْسادِهِم وأرْواحِهِم وآمالِهِم، وأجْيالُهُ يَقْتُلُونَ إلى يَوْمِنا...، فَقَد قَتَلَ اليَهودَ الألمانَ والأوروبّيينَ مِن الأبْرياءِ والعُلَماءِ والمُعَلّمينَ والأطِبّاءِ والمُهَنْدِسينَ وأرْقى الفَنّانينَ والرَّسّامينَ، وأيْضاً أفْضَلَ عازِفِي المُوسيقى عَلى الإطْلاقِ، وحَتّى مَنَ كانَ مِنْهُم مِنَ أصْدِقائِهِ والأقْرِبَاءِ! وقَتَل ذَوِي الإحْتِياجاتِ الخاصَّةِ والمَرْضى والفُقَراءَ والمُنْعَزِلينَ إجْتِماعِيَّاً "لِيُحافِظَ عَلى الألْمانِ والذُريَّةِ الآرِيَّةِ وسُلالَتِهِ النَقِيَّةِ كَمَا قَالَ" رَغْمَ أنَّهُ مَريضٌ بإضْطِرابٍ عَقْلِيٍّ ولَهُ سِجِلٌّ مُفَصَّلٌ بِهذا! وقَتَلَ مُعارِضِيهِ مِنَ المَسيحيّينَ والمُسْتَقلّينَ والشُيوعيّينَ والمُخالِفينَ مِنَ السّياسيّينَ، وقُتِلَ بِسَبَهِ آلافُ المُسْلِمينَ مِنَ المُقاتِلينَ الذينَ دَفَعَ بِهِم المُنافِقُ أمينُ الحُسَيْنِي مُفْتِي القُدْس لِيُقْتَلُو فِي سَبيلِ "تَحْريرِ القُدْسِ!!!" ورَغْمَ كُلِّ هذا تَظْهَرُ صُوَرُ هِتْلَر هُنا وهُناكَ فِي صَفَحاتِ التّوَاصُلِ العَرَبيَّةِ فِي أيّامِنَا إحْتِفاءً بِهِتْلَر وحِقْداً عَلى إسْرائيلَ، والسَّبَبُ، كالعادَةِ، هُوَ جَهْلُ العَرَبِ بالسِّياسَةِ والأحْداثِ والتأريخِ!! لكنْ رَغْمَ جَرائِمِ هِتْلَر وقَتْلِهِ لِمَلايينِ الأبرياءِ رَمْياً بالرَّصاصِ أو التَّجْويعِ أو الحَرْقِ فِي السُّجونِ ومُعَسْكَراتِ "العَمَلِ" والإعْتِقالِ...، إلاّ أنَّ كَلِمَاتِهِ لِعَشيقَتِهِ الحَسْناءِ الحَزينَةِ إيفا براون التي أصْبَحَتْ "فراو هِتْلَر أو السّيّدة هِتْلَر" قَبْلَ سَاعاتٍ مِنْ نِهايَتِها مَعَ هِتْلَر إنْتِحاراً -- هُوَ بالرَّصاصِ وهِيَ بِكَبْسُولَةِ السُّمِّ ثُمَّ الرَّصاصِ فِي السّاعَةِ الثّالِثَةِ والنِّصْفِ ظُهْراً -- ومَا قالَهُ يَسْتَحِقُّ أنْ أقِفَ عِنْدَهُ بِشَيءٍ مِنَ الوُضُوحِ، إذْ قالَ لَهَا، وهُمَا يَتَحَدَّثانِ ويَتَهامَسَانِ بأُمُورِ الحَياةِ وأيَّامِها والدُّنْيا وغَدْرِهَا والحُبِّ والخِيانَةِ ومَا جَرَى وماهِيَّةِ الأحْداثِ "حَبيبَتِي إيفا، لَقَد عِشْتُ كَثيراً حَتّى قَبْلَ أنْ أُولَدَ بِسِنين، وأحْبَبْتُ القَليلَ مِنَ البَشَرِ وكَرِهْتُ الكَثيرَ مِنْهُم، وأمَّا مَنْ كَرِهْتُهُم وأحْتَقَرْتُهُم أكْثَرَ وأكْثَرَ فَهُم الذينَ ساعَدُونِي فِي إحْتِلالِ أوْطانِهِم الأُمِّ، وكانُو يُهَللِّلونَ!" وهكذا، أقْسَى المُجْرِمينَ وأقَلُّهُم رَحْمَةً فِي التأريخِ إحْتَقَرُو خَوَنَةَ أوْطانِهِم، وكلِماتِي هذهِ وإسْقاطاتِي التأريخيّةِ أو الزَّمَنيَّةِ لِهَؤُلاءِ الذينَ ساعَدو أمريكا على إحْتِلالِ العِراقِ وقَتْلِ العِراقِيّينَ وإغْتِصابِ النِّساءِ والأسْرى فِي سُجُونِ أبو غريب وهُم يَضْحَكُونَ، وأُولَـٰئِكَ الذينَ ساعَدو بِريطانيا فِي تَدْميرِ البَصْرَةِ وقَتْلِ أهالِيها والتَبَوُّلِ عَلى رُؤوسِ أسْرَاها فِي سُجُونِها وهُمْ يَسْكَرُونَ ويَرْقُصُونَ ويُصَوِّرونَ ويَحْتَفِلُونَ!! وأنا أُجْزِمُ أنَّ الغَرْبَ بِكامِلِ حُكوماتِهِ وشُعُوبِهِ يَحْتَقِرَ حُكّامَ العِراقِ ومَسْؤولِيهِ الذينَ حَكَمُو بَعْدَ إنْهِيارِ العِراقِ واليَوْمَ يَحْكُمُونَ مُنْذُ تَدْميرِهِ فِي 2003 وإلى يَوْمِنَا هذا، وإنْ كانَ سِرَّاً أو فِي كَوَاليسِهِم أو فِي أحادِيثِهِم مَعَ الأصْدِقاءِ والعائِلاتِ، وأنَا شاهِدٌ عَلى هذا...! لكِنْ لا يَجِبُ عَلى العِراقيّينَ والعَرَبِ وخاصَّةً العُقَلاءِ مِنْهُم أنْ يَنْسَوْ أنَّ المَلايينَ مِنَ الأمريكانِ والبِريطانِيّينَ وأهْلِ الأرْضِ كانو يَجُوبونَ الشَّوارِعَ إحْتِجاجاً ورَفْضَاً لِحَرْبِ الخَليجِ وإحْتِلالِ العِراقِ وتَدْميرِهِ مِنْ أجْلِ النَّفْطِ، وأنَّ قَرارَ الحَرْبِ فِي إحْتِلالِ أمريكا للعِراقِ "كَمَا هُوَ قَرارَ الحَرْبِ وإحْتِلالِ العِراقِ للكُويَتِ" لَيْسَ إلاّ قَرارَ شَخْصٍ وأشْخاصٍ وأفْرادٍ ولا عِلاقَةَ للشُّعُوبِ بالأمْرِ...، لِهَذا لا يَجِبُ مُحاسَبَةُ الشُّعوبِ، أو عَلى الأقَلِّ، لا يَجِبُ كَراهيَّتُها أوإتِّهامُها بأحْداثٍ تأريخيَّةٍ أو قَراراتِ الحَرْبِ والسِّلْمِ وهِيَ، أيْ الشُّعوبُ، مَغْلُوبٌ عَلى أمْرِهَا. وأبْقَى لِثَوانٍ فِي ألمانيا وأُقارِنَ فِي الأسْبابِ التي أدَّتْ إلى بِنَاءِ وإزْدِهارِ ألمانيا بَعْدَ دَمَارِهَا وتَدْمِيرِهَا فِي 1945 بَيْنَمَا غابَ الإسْتِقْرارُ والرَّخاءُ عَن العِراقِ مُنذُ 2003 ومَا تَلاهَا. إذا أرَدْنَا أنْ نُحَلِّلَ الأسْبابَ والأحْداثَ بِواقِعِيَّةٍ ونُجَرِّدَ القُلُوبَ مِنَ العاطِفَةِ والعُقُولَ مِنَ الجَّهْلِ لِدَقائِق فَعَلَيْنَا أن نَبْحَثَ فِي سُلُوكِ الشُّعُوبِ وعِلْمِ الإجْتِمَاعِ ونَبْقَى لِثَوانٍ فِ بُحُورِ عِلْمِ النَّفْسِ السِياسِيِّ وأسْرارِهِ، فالألْمانُ، مَثَلاً، يُحِبُّونَ بِلادَهُم بِشِدَّةٍ وصِدْقٍ وعُرِفَ عَنْهُم ذلِكَ وهُمْ يَفْتَخِرونَ بِهِ، لِهذا قامَ الرِّجالُ والنِّساءُ مِنَ الحَجَرِ والرُّكامِ بَعْدَ الهَزيمَةِ فِي الحَرْبِ العالَميَّةِ الثّانيةِ وإنْهيارِ النّازِيَّةِ فِي عامِ 1945 وبَنُو بِلادَهَم إذْ لَيْسَ لَهُم سِواهَا، ولا نَنْسَى هُنَا الأساسَ فِي هذا وهُوَ المُعْجِزَةَ الألمانيَّةَ ومَشْرُوعَ مارشال لِإعادَةِ إعْمارِ ألمانيا وأُوروبّا وهُو الأضْخَمُ فِي تأريخِ ما بَعْدَ الحُرُوبِ بالتَّعاوِنِ مَعَ أوَّلِ حُكومَةٍ ألمانيَّةٍ ديمقراطيَّةٍ مُنْتَخَبَةٍ فِي عامِ 1949 مِنْ ساسَةٍ ألمانٍ أحَبُّو بِلادَهُم ولَم يَكُن بَيْنَهُم لُصُوصٌ أو جُهَلاءٌ أو سُرَّاقٌ -- وقَد قامَتْ أمريكا بِهذا المَشْرُوعِ خَوْفَاً مِن أنْ يَبْتَلِعَ الإتَّحادُ السّوفيتيُّ أوروبّا ومَا فِيهَا خاصَةً بَعْدَ تَقْسيمِ بَرْلينَ بَيْنَ المُنْتَصِرينَ والحُلَفَاءِ. وأمّا العِراقيّينَ مِنْ عَرَبٍ وكُرْدٍ وآشوريّينَ وغَيْرِهِم "وهُنا أتَحَدَّثُ عَن القَوْميّاتِ" أو يَهُودٍ ومَسيحيّينَ ومُسْلِمينَ وغَيْرِهِم "وهُنَا أتَحَدَّثُ عَن الأدْيانِ والدِّياناتِ" فَقَد كانُو يُحِبُّونَ بِلادَهُم العِراقَ ويَعْشَقُونَهُ قَبْلَ عامِ 1958 وإنْقِلابِهِ المَشْؤومِ، وبَقِيَ الحُبُّ وأسْتَمَرَّ حَتّى فِي السِتينيّاتِ والسَبْعينيّاتِ إلى عامِ 1979 وإنْتِهاءِ العُصُورِ الذَهَبيّةِ والفِضِّيَّةِ ومَعَهَا الخَيْرُ والرَّخَاءُ، وهُنَا بِتَحْليلِ عِلْمِ النَّفْسِ والإجْتِمَاعِ وسُلوكِ الشُّعُوبِ. وبَقِيَ شَيءٌ مِنَ الحُبِّ والوَلاءِ فِي الثّمانينيّاتِ وتَلاشَى كَسَرابٍ فِي التِسْعينيّاتِ لِيَخْتَفِيَ فِي عامِ 2003 بِإحْتِلالِ إيرانَ للعِراقِ بَعْدَ الغَزْوِ الأمريكيِّ للبِلادِ وقَتْلِ العِبَادِ! والأساسُ فِي الإنْهِيارُ وغِيابُ الإعْمَارِ هُوَ عُمَلاءُ إيرانَ الذينَ حَكَمُو ويَحْكُمُونَ العِراقَ مِنَ الجُّهَّالِ والسُّرَّاقِ وهُمْ الأشَدُّ حِقْدَاً عَلى العِراقِ والعِراقيّينَ، عَلى عَكْسِ ما كانَ فِي ألمانيا كَمِثالٍ تأريخِيٍّ لَعِبَتْ فِيهِ عَوامِلُ الجُّغرافيا السِياسيَّةُ والأخْلاقُ والتَّربيةُ والعِلْمُ والجَّهْلُ والثّقافَةُ والأصْلُ والجّيلُ والأجْيالُ وحُبُّ الأوْطانِ والإخْلاصُ لَهَا الدَّوْرَ والأدْوارَ!! وإنْ أرادَ العِراقيّونَ أو العَرَبُ أنْ يَبْنُو أوْطانَاً جَميلَةً يَفْخَرُونَ بِهَا ويَتَفاخَرُونَ لأجْيالٍ وأجْيالٍ، أو إنْ أرادَ البَشَرُ أنْ يَعِيشُو رَغَدَ الحَياةِ، فَعَلَيْهِم أوَّلاً أنْ  يُحِبُّو الأرْضَ التي تُبْنَى عَلَيْها تِلكَ الأوْطانُ، وعَلَيْهِم أنْ يَعْلَمُو أنَّ الحُرُوبَ "غَيْرَ الدِّفاعِيَّةِ" هِيَ مِن فَصُولِ الأمْراضِ النَّفْسيَّةِ والإضْطِراباتِ العَقْليَّةِ، وأنَّ هُناكَ حُدُوداً للغَضَبِ والحِكْمَةِ، وفُرُوقَاً بَيْنَ التَرَيُّثِ والإسْتِكانَةِ وبَيْنَ الصَّبْرِ والإنْدِفَاعِ وبَيْنَ الشَّجاعَةِ والتَهَوُّرِ وبَيْنَ التّعَاوُنِ والعَمَالَةِ، وخُطُوطَاً رَفيعَةً ودَقيقَةً ومَفْصَليَّةً بَيْنَ هذا وذاكَ وهذهِ وتِلْك! فَلَو أنَّ صَدّام حسين، مَثَلاً، كانَ قَدْ إكْتَفَى باإنْتِصارِهِ على إيرانَ فِي حَرْبِ العِراقِ والعَرَبِ "العادِلَةِ" عَلى مَلالِيَ الحِقْدِ والشَرِّ، ولَم يَقُمْ بإحْتِلالِ الكُوَيت لَكانَ حَقَّاً حَبيباً للعِراقِ والعَرَبِ رَغْمَ أوْهامِ البَعْثِ فِي تَحْريرِ القُدْسِ وغَيْرِهَا مِنَ الأكاذيبِ النّاصِريَّةِ والقَوْميّةِ. ولَو أنَّهُ، أيْضَاً ومَثَلاً، أقامَ عِلاقاتٍ طَيّبةٍ أو "عَلى الأقَلِّ مَبَادِئَ سَلامٍ ولَو بَسِيطَةً وأوّليَّةً" مَعَ إسْرائيلَ التي يَسْكُنُ فِيهَا عِراقيّونَ بابِليّونَ طَيّبُونَ مُحِبُّونَ لِبَلَدَهِم الأصْلِيِّ العِراقَ وأُجْبِرو ظُلْمَاً عَلى تَرْكِهِ وتَرْكِ بُيُوتِهِم وأمْلاكِهِم وجِيرانِهِم وهُم اليَوْمُ مِن أكْبَرِ الجّالياتِ فِي إسْرائيلَ وأكْثَرِهِم ثَقافَةً وعِلْمَاً كثَقافَةِ بابِلَ العَظيمَةِ، لَكانَ العِراقُ (فِعْلاً) بَيْتَ الحِكْمَةِ كمَا كانَ يُلَقَّبُ فِي سَابِقِ الأزْمَانِ والدُّهُورِ والتأريخِ القَديمِ والحَديثِ قَبْلَ وبَعْدَ السَبْيِ البابِلِيِّ. ولَو أنَّ هِتْلَرَ إكْتَفَى بِحَرْبِهِ "الظّالِمَةِ" وإنْتِصَاراتِهِ "الخاطِفَةِ" عَلى أوروبّا وإحْتِلالِ غَرْبِهَا وشَرْقِهَا وشَمَالِهَا دُونَ أنْ يُهَاجِمَ الإتّحادَ السّوفيتِيَّ بَعْدَهَا لَكانَ (رُبَّمَا) زَعِيماً مَجْنُونَاً مَحْبُوبَاً فِي العَديدِ مِن طَبَقاتِ شَعْبِهِ بالرَّغْمِ مِن أمراضِهِ النَّفْسيَّةِ والعَقْليَّةِ ويَدِهِ المُلَطَّخَةِ بِدِمَاءِ الأبْرياءِ، ومِنْهُم الألْمانِ! أعُودُ بالأيَّامِ إلى الأيَّامِ... وأيّامُهُم والأيّامُ...، نَنظُرُ فِي أيَّامِنَا وأحْوالِ العِراقِ والعَرَبِ بَعْدَ غَزْوِ العِراقِ وتَدْميرِهِ، ونَرَى كيفَ يُفَكِّرُ الرِّجالُ وتَبدو النِّساءُ كالرّجالِ، وعمليّاتُ التّجْميلِ التي قتلتْ كلَّ طبِيعيٍّ وأصيلٍ وَزَانٍ، ونُفِخَتِ الشِّفاهُ، وقُطِّعَتِ الأُنُوفُ، وحُقِنَتِ المُؤخِّراتُ، وزُرِعَ الشَّعْرُ، ورُكِّبَتِ الأسْنانُ، ولُوِّنَتِ العُيُونُ وكُحِّلَتْ... فَتَشابَهَ الجّميعُ!! وماتَتْ أغصَانُ البَانِ وأخْتَفى الرَّبيعُ!! وأصْبَحَتْ مِنَ مُعْجِزاتِ السَّمَاءِ أنْ يُمَيّزَ الرَّجُلُ حَبيبَتَهُ أو زَوْجَتَهُ بَيْنَ النِّساءِ، فإنْ جُنَّ أو غابَ عَنِ الوَعْيِ أو كانَ فِي تَحَدٍّ ورِهانٍ أو نَسِيَ أو سُحِرَ وأرادَ سَهْوَاً أنْ يُقَبِّلَهَا أو "مُغْرَمَاً أو مُكْرَهَاً" أنْ يُطارِحَهَا الغَرامَ لإظْهارِ الوَلاءِ والوَفاءِ، تأكَّدَ أوَّلاً أنَّهَا زَوْجَتُهُ مِنْ عَلامَةٍ فِي الجَّسَدِ أو تَخْمِينٍ أو تَرْكيزٍ أو دِراسَةٍ أو "كودٍ" أو كَلِمَاتِ سِرٍّ وأرْقامٍ!! لا يُصَدَّقُ إنِّي أتَحَدَّثُ وأكْتُبُ عَنْ نَفْسِ الأرْضِ والجُّغرافيا والبَلَدِ وذاتِ الخَليقَةِ والبَشَرِ والإنْسانِ!! بَلْ هِيَ الأحْداثُ إذا إنْقَلَبَتْ بِغَدْرِ الزَّمَانِ...، ومُرُّ الحَقيقَةِ ومَرَارُها أُدَوِّنُهَا بِقَلَمِي قَبْلَ أنْ تَمُرَّ العُقُودُ والسِّنون فَأكْبُرَ وتَبْدَأُ لُعْبَةُ النِّسْيانِ!! كانتِ النّساءُ قبل 2003 يَتنافَسْنَ في العِلمِ والأزياءِ والرُقيِّ والإتيكيتِ والِلياقةِ واللَبَاقَةِ والهُدُوءِ والرّقْصِ والمُوسِيقى والأُنُوثَةِ والدّلالِ والجّمَالِ...، وهُدُوءُ الرِّجالِ، وأمّا اليَوْمَ، فالنِّسوةُ أو "النِّسْوانُ لا النّسَاءَ" يَلطمْنَ ويَتنافَسْنَ في اللَطْمِ والغَرَقِ فِي التُّرابِ والأوْحالِ...، وصُراخُ الرِّجالِ!! وذَهَبَ زَمَانُ الحَضَاراتِ والعِلْمِ والشَّهاداتِ، وزَمَانُ الرُّقاةِ والوَزيراتِ الرّاقِياتِ، وجَاءَ زمَانُ الإغْتِيالاتِ، وأحْزابٌ بالمِئاتِ، وإمّعاتٌ لَبِسُو العِمامَةَ والعِقالَ ورَبْطَةَ العُنُقِ فأصْبَحُو شَخْصِيّاتٍ، وزُوِّرَتِ الشّهاداتُ، والعُقُودُ والسّرِقاتُ، وفَسَادُ البَرلمانيّينَ والبَرلمانيّاتِ، مِن خِرِّيجِيّ الإبْتِدائِي والإبتِدائيّاتِ، حَصَلو على الحَقائِبِ والكراسِي بالمَالِ وقوّةِ السِّلاحِ وليالِيَ السَمَرِ والرَّشاوَى والرَّشَوَاتِ، وهذا وذاكَ وَذات، وتَعْلَمونَ ما هذا وذاكَ وذات...! كان ما كان، في رَوْعَةِ الزَّمَانِ، كانتْ خِطاباتُ المُلُوكِ والوُزَراءِ والرُّؤسَاءِ فَخْراً في البَلاغَةِ والإتْقانِ، وأمّا اليَوْمَ، فَكَلِمَاتُ وخِطاباتُ الرُّؤسَاءِ والوُزَراءِ والمَسْؤولينَ فَضَائِحٌ في الفُصْحَى وأخْطاءٌ في اللّغاتِ يَخْجَل مِنْها البَشَرُ، وأصبَحَتْ مَخارِجُ الحُرُوفِ كَ "صُراخِ" خَرُوفِ البَحْرِ، وخَرُوفُ البَحْرِ هُوَ النّادِرُ في الحَيَواناتِ المَائِيّةِ، وأنْهارَتِ اللغةُ العَرَبيّةُ، وأصْبَحَ "المَسْئُولونَ والمُتَحَدِّثونَ" يَحْتارونَ بينَ اللغةِ العَرَبيّةِ وهُمْ لَهَا جاهِلون، وبينَ اللغةِ الفارِسِيّةِ وهُمْ لَهَا عارِفون!! وأصبَحَ خِطابُ المَسْؤولِ اليَوْمَ أشْبَهَ بِمَلْحَمَةِ الحُبِّ والدُّمُوعِ ولَيالِ الغَرَامِ والشّمُوعِ "الحَلَزُونة" للزَّعيمِ عادِل إمام! وأصْبَحَ الرّؤسَاءُ والوُزَراءُ والنُّوّابُ يَنْصِبونَ الفاعِلَ ويَرْفَعونَ المَفْعولَ بِهِ ويَنْصِبونَ إسمَ كانَ ويَرْفَعونَ إسمَ إنّ...، وقَلَبُو الطّاوِلَةَ على النَّحْوِ والبَلاغَةِ! إيهٍ وإيهٍ... أُرْقُدْ بِسَلام يا جَاحِظ! كانَ المَلِكُ والرَّئيسُ إذا زارَ البِلادَ والبُلدانَ وَقَفَ لَهُ الجَّمِيعُ وَقارَاً وإحْتِراماً وقَبْلَ ذلِكَ يأتِيَ الإعْجابُ، وَأمّا اليَوْمَ فإنْ فَكَّرَ المَسْئُولُ أنْ يَزُورَ البِلادَ والبُلدانَ "بالأمْرِ والنِّداءِ أوالإسْتِدْعاءِ" فَهُوَ مَحْظُوظٌ مَحْظُوظٌ مَحْظُوظٌ يا وَلَدي، إنْ، كانَ بإسْتِقبالِهِ طَبّاخُ المَلِكِ أو الرَّئيسِ، أو، إنْ كانَ أكثَرُ حَظَّاً، مُديِرُ مَكْتَبِهِ أو مُوَظّفُ البَرِيدِ!! وأمّا رَئيسُ الدّوْلَةِ فَهُوَ يُقَدِّمُ "الشّاي يا سَيّدي الدّوق،" ورئيسُ الوُزراءِ لا يَدخُلَ الحَمّامَ قَبْلَ أخْذِ الإذْنِ من قُمَّ وطَهْرانَ ويُبْدِيَ الإحْتِرامَ والوَلاءَ والشَّوْقَ! هكذا هُوَ الأمْرُ عِندَما تُدَمَّرُ البُلدانُ والأوْطانُ وتَتَلاشى الحَضَاراتُ وتَضيعُ الهَيْبَةُ! ولا زَالَ "بَعْضُ" العِراقِيّين يُهلّلون، وفي البَلاءِ يَلطمون! شُعوبُ الأرْضِ تَبنِي، والأطفالُ يَتَعَلّمون، والنَّاسُ يَبتكرون ويُعَمّرون ويَفرَحون، ويُغَنّونَ ويَرْسِمونَ ويَرقصُون ويَحتَفِلون، ثُمَّ يَرْتَقونَ ويَرْتَقونَ، وإلى الفََضاءِ يُسافِرون، لكنّ الجُهَلاءَ -- بَعْضَ العِراقِيّينَ مِن إيرانِييّ الهَوَى والإنْتِماءِ -- الشّعاراتِ والصّواريخَ يُطلِقون، ورُءُوسَ "آيَاتِ اللهِ" يُقَبّلون، وهُمْ لِكُلِّ جَميلٍ ورَاقٍ كارِهوُن، ويُهَلّلون، ويَقتُلونَ ويُهَلّلونَ ويَلطمون! هِيَ لَعْنةُ الجَّهْلِ والفَوْضَى وشِيعَةِ إيرانَ والميلشياتِ، والأوْهامِ والإسْلامِ السّياسِيّ والشِّعاراتِ، وإنْقِلابِ الزَّمَانِ، مِن هَيْبَةِ بَغدادَ والمُلُوكِ والرُّؤسَاءِ والحُكوماتِ، اليَوْمَ والأيّام، إلى لَعْنَةِ الطّوائِفِ والمَذاهِبِ والحَوْزاتِ والعِماماتِ -- والعِمامَةُ عِمامَتان: عِمامَةٌ تَدْعو إلى التَّقْديرِ والإحْتِرامِ كعِمامَةِ السَّيّدِ مُوسى الصَّدِر الذي أحَبَّ الجَّميعَ وَتَمَنّى السّلامَ للقَريبِ والبَعيدِ وكانَ إسلامُهُ وَسَطِيّ، لِهذا قُتِلَ على يَدِ المَعْتوهِ مُعَمَّر القَذّافِيّ وبِأمْرٍ مِن الخُمَيْنِيّ. وهُناكَ عِمامَةٌ أٌخرى تُخْفِي تَحْتَها رُءُوساً مَليئَةً بالخُبْثِ والحِقْدِ والإرْهابِ والدَّجَلِ والنِّفاقِ كعِمامَةِ خامنئِي والخُمَيْنِيّ، وقبْلَ ذلِكَ تُخفِي تَحْتَها العُقَدَ النَّفْسِيّةَ...، الخُمَيْنِيُّ الذي كَرِهَ المُخالِفينَ والمُخْتَلِفينَ وكُلَّ من أرادَ الرّخاءَ والحُريّةََ، وغادَرَ النَّجَفَ قائِلاً للعِراقِيّينَ ولَها "الوَعْدُ الوَعْد... أتْرُكُ النَّجَفَ وَهِيَ عِراقِيّة، وسَوْفَ أعودُ لَهَا وَهِيَ فارِسيّةٌ إيرانِيّةٌ!!" وهكذا، هُوَ العِراقُ، بِلادٌ تَصْرُخ وتُريد، ومِلَلٌ وطَوائِفٌ لا تُحْكَمُ إلاّ بالحَديد، وشَعْبٌ تَعِبَ وأشْتَكى مِنْهُ المَلِكُ الطّيّبُ فيصَل الأوّلُ والمَلِكُ غازي والمَلِكُ الحَبيبُ فيصَل الثّانِي والباشا الحَكيمُ نُوري السّعيد، وقَبْلُهُم تَعِبَ وإشْتَكى مِنْهُ إبراهيمُ والأنبياءُ، والإمامُ عَلِيّ والحَجّاجُ وهاروُنُ الرَّشيد، والأئِمّةُ والعُلَمَاءُ، واليَهودُ والمَسيحِيّونَ والمُسْلِمونَ والوَسَطيّونَ والوُسَطاءُ، والتّلاميذُ والصَّحابَةُ والأصْحابُ والقَريبُ والبَعيدُ! كُلُّهُم قالو لِأهْلِ العِراقِ مِنَ المُسْلِمينَ يا "شِيعَةَ" العِراقِ مِنْكُم قد تَعِبْنا، شِئْنا فأبَيْتُم ثُمَ شِئتُم فأبَيْنا... وتَعِبَ مِنْكُم الرّبُّ والأرْبابُ! فالعِراقيّونَ "وَجُلُّهُم مِنَ الشّيعَةِ" قَد سانَدو الإمامَ عَليٍّ ثُمَّ إنْقَلَبو عَليْهِ! وتَبِعو إبْنَهُ الحُسَيْنَ ثُمَّ أنْقَلَبو عَليْه! وبَعْدَ عُقُودٍ ودُهُورٍ هَلّلو لِنوري السّعيدِ وهُم يُغَنّونَ "نوري السّعيد شَدَّة وَرِد وصالِح جَبُر رَيْحانَه" ثُمَّ - وبَعْدَ أرْبَعٍ وعِشْرينَ ساعَةٍ - إنقَلبو على نوري السّعيدِ وشَتَمُوهُ وهُم يُغَنّونَ "نوري السّعيد القُنْدَرَة وصالِح جَبُر قِيطانه!!" وَهَلّلو لِلمُلوكِ والرّؤساءِ ثُمَّ إنقَلَبو عَليهِم! والعَرَبُ المُسْلِمونَ عُمومَاً نافَقُو وأحَبُّو الفِتَنَ هُنا وهُناكَ وفِي بِلادٍ أُخرى فِي مِصْر والشّامِ ولُبْنانَ والجّزائِرَ وغَيْرِها، وأقوُلُ العَرَبُ "المُسلِمونَ" لأنَّ التأريخَ أخْبَرَنا أنَّ المَسيحيّينَ واليَهودَ والصّابِئةَ والآخرينَ لَمْ تُخْلَقَ فِي أنْفُسِهِم الفَوْضَى ولَمْ يُخْلَقَ النِّفاقُ فِي قُلُوبِهِم مِثْلَ البَقِيَّةِ مِنَ العَرَبِ، وهذا تأريخٌ وهِيَ الإحْداثُ، وأنا هُنا أتَحَدَّثُ عَن بِلادِ العَرَبِ ولا أخوضَ فِي بِلادِ الغَرْبِ وفَسادِ بابواتِ الفاتيكانِ وإرْسالِ الجُّيوشِ الصَّليبيّةِ بِحِجَّةِ حِمَايَةِ الكَنائِسِ والأرْضِ والتُّراثِ! وأنا هُنا لا أنْوِيَ أو أتَعَمَّدَ الإهانَةَ بَلْ أُحَلّلَ السِّنينَ والأحْداثَ تَحْتَ مِجْهَرِ العُلُومِ السّياسِيّةِ وعِلْمِ الإجْتِماعِ. واليَوْمَ فِي العِراقِ قَد تَجَمَّعَ السُّرّاقُ والذُّبابُ، وعلى مِصْراعَيْهِ فُتِحَ البَابُ! وهُنا أَقولُ... عِندَما أَضَعُ البُلدانَ والأوْطانَ تَحْتَ مِجْهَرِ الأيّامِ وعِلْمِ الإجْتِماعِ فإنِّي أرى بِوُضوحٍ تامٍّ بأنّ "مُعْظَمَ ولَيْسَ كُلُّ" الخَرابِ والدَّمارِ والجّهْلِ والتَخَلُّفِ والفِتَنِ والحُرُوبِ وأكْثَرِ الظَّلامِ وجُلِّهِ كانَ مِن "شِيعَةِ" العَرَبِ وال "الشّيعَةِ" مِنَ المُسْلِمين! فإنْ نَظَرْنا، مَثَلاً، إلى المَغْرِبِ العَرَبِيِّ أو مِصْرِ المَحْروسَةِ "وأنا أُصِرُّ دائِماً على أنْ أُسَمِّيها بالمَحْروسَةِ وهُوَ لَقَبٌ لَهَا لأنَّ اللهَ وَضَعَها فِي مَكانَةٍ خاصّةٍ فَكُتِبَ عَليْها ولَها الأمْنُ والأمَانُ" وأيْضَاً إنْ نَظَرْنا إلى دُوَلِ الخَليجِ العَرَبِيِّ فنَحْنُ نَرى بِوُضوحٍ تامٍّ وإعْتِماداً على السِّنينِ ومُجْرياتِ الأمُورِ وسِجِلاتِ التأريخِ بأنَّ وَسَطيّةَ الإسْلامِ وإعْتِدالِهِ قَدْ نَجَحَتْ فِي بِناءِ أوْطانٍ ومُجْتَمَعاتٍ عَرَبيّةٍ مُستَقِرّةٍ وآمِنة، أو على الأقَلِّ، أفْضَلُ مِن غيْرِها. إذَن، فإنَّ الحُكّامَ مِنَ المَسيحيّينَ أو اليَهودِ أو المُسلِمينَ مِن أهْلِ الإعْتِدالِ والوَسَطيّةِ أو العَلْمانيّةِ والفَّصْلِ بَيْنَ الدِّينِ والسِّياسَةِ قَد نَجَحو بِوُضوحٍ فِي خَلْقِ وتأسيسِ مُجْتَمَعاتٍ تَفَخَرُ بِنَفْسِها وأوْطانِها وتَعيشَ بِسَلامٍ وَرَخاء، أو راحَةِ البالِ والإسْتِقْرارِ. وهذا لِلأسَفِ على عَكْسِ الشِيعَةِ أو الإخْوانِ المُسلِمينَ أو الراديكاليّينَ أو السَّلَفيّينَ الذينَ أدْخَلو بُلْدانَهُم ومُجْتَمعاتِهِم والآخَرينَ فِي ظُلُماتِ الفَقْرِ والبُؤْسِ والجَّهْلِ والعُنْفِ والحُرُوُبِ والخَرَابِ، مِثْلَ إيرانَ بَعْدَ ثَوْرَتِها المَشْؤومَةِ وكذلِكَ العِراقَ بَعْدَ سُقوطِ المَلَكيّةِ الرّاقيَةِ أو رُبَّمَا، كَيْ أبْقَى مُتَفائِلاً، بَعْدَ سُقوطِ نِظامِ صدام حسين، أو اليَمَنِ أو سورية أو لُبْنانَ، والقاسِمُ المُشْتَرَكُ هُوَ حُكْمُ الشِّيعَةِ وسَيْطَرةِ مَلاليَ إيرانَ على تِلْكَ المُجْتَمَعاتِ بِحُكوماتِها الضَّعيفَةِ ومُجْتَمَعاتِهِا الهَشَّة، ولا نَنْسَى عامِلَ الجُّغرافيا وهُوَ لُعْبَةُ الخَلْقِ والخَليقَةِ ولَعْنَةُ الأقْدار!! وكَيْ أكونُ مُنصِفاً مَعَ نَفْسِي وكَلِماتِي فَعَلَيَّ أنْ أقولَ بأنَّ الشّيعَةَ وَحْدَهُم لَيْسُو فِي دائِرَةِ الجَّهْلِ والخَرَابِ، بَلْ أيُّ إنسانٍ عُنصُرِيٍّ ومُتَعَصِّبٍ لِدينِهِ أو مَذهَبِهِ أو مِلّتِهِ أو مُجتَمَعِهِ أو خِياراتِهِ فِي الحَيَاةِ هُوَ فَريسَةٌ لآفَةِ الجَّهْلِ والدُّخولِ فِي نَفَقِ الظُّلُماتِ مَهِْما كانَ دينُهُ ومَذهَبُهُ وإيمانُهُ سَواءٌ كانَ مَسيحيُّ الإيمانِ أو يَهودِيُّ الدِّينِ أو مُسْلِمُ العَقيدَةِ أو مِن أيِّ دِيانَةٍ سَماوِيّةٍ أو أرْضِيّةٍ. مِثالٌ على ذلِكَ الإيمانُ والإرْهابُ، فالمُسْلِمُ السُّنِيُّ قد يَتَحَوَّلُ إلى قاتِلٍ وإرهابِيٍّ إذا إبْتَعَدَ عَن الإعْتِدالِ والوَسَطيّةِ وفَتَحَ بابَهُ للجَّهْلِ وظُلُماتِ الماضِي الذي كُتِبَ بأيَادٍ مَريضَةٍ، كالجَّماعاتِ والتّنْظيماتِ المُسَلَّحَةِ مِثْلِ القاعِدة وداعِش وغَيْرِها، وشَهِدْنا ماذا فَعَلُو بالعِراقِ وسورية مِن قَتْلٍ ودَمَارٍ بَعْدَ أنْ أعْطاهُم العَميلُ الإيرانِيُّ نوري المالِكيّ مِفْتاحَ الموصِلِ كَي تَدخُلَ إيرانُ وتُؤَسَّسَ الميلشياتُ بِحِجَّةِ التَّحْريرِ فِي لُعْبَةٍ لا يَقْدِرَ على تَنْفيذِها إلاّ الشَّيْطانُ، وهُوَ فِي طَهْران! مِ ناحِيَةٍ أُخْرى، نَرَى كَيْفَ تَحَوّلَتِ السّعوديّةُ، مَثَلاً، مِن دَولَةٍ مُخيفَةٍ يَحْكُمُها الخَوْفُ والأمْرُ بالمَعْرُوفِ والنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ "حَسَبَ إعْتِقادِهِم" إلى دَولَةٍ جَميلَةٍ ومُتَطَوِّرَةٍ ومَحْبُوبَةٍ بِمُجَرَّدِ تَخَلِّيها عَنِ الوَهابيّةِ والتَعَصُّبِ والإنْغِلاقِ وجَهْلِ العُقولِ. وهذا فَصْلٌ مِنَ المُفيدِ والمَنْطِقِ فيهِ أنْ أتَحَدّثَ بِكَلِماتٍ عَن مأسَاةِ ومَآسِ ال "فَرْهُود،" والتي حَدَثَتْ فِي العِراقِ فِي عامِ 1941 بَعْدَ فَشَلِ المُحاوَلَةِ الانْقِلابيّةِ التي قامَ بِها رَشيد عالي الكيْلاني وعَساكِرُ آخَرونَ للإطاحَةِ بالمَلَكيّةِ الدّستوريّةِ بِإسْنادٍ وتَخْطِيطٍ مِن هِتْلَر والإسْتِخْباراتِ الألمانيّةِ للرّايخِ الثالث. فَبَعْدَ أنْ عاشَ العِراقيّونَ بِسلامٍ وَرَخاءٍ مُنْذُ عامِ 1921 وبِناءِ الدّوْلَةِ بِأطْيافِها وألْوانِها والعِلاقَةِ بَيْنَ العِراقِ وبريطانيا والتي كانَ أساسُها المَصالِحَ المُشْتَرَكَةَ والرّخاءَ للشَّعْبينِ، وبَعْدَ صُعُودِ هِتْلَر والنّازِيّةِ وبَدْءِ فُصُولِ غَسْلِ العُقُولِ والقُلُوبِ سَواءٌ بِخطاباتِ هِتْلر المَسْرَحيّةِ التي كانَ يُلَخِّصُها يُونِس بَحْري مِن إذاعةِ بَرْلينَ الدّوليّةِ والمُنافِسَةِ لل بي بي سي البريطانيّةِ قَبْلَ وخِلالِ الحَرْبِ العالَميّةِ الثّانيةِ، حَصَلَ إتّفاقٌ بيْنَ هِتلر ورشيد عالي الكيلاني فِي لِقاءٍ حَميمٍ فِي بَرلينَ إلتَقى فيهِ هِتلر مَعَ رشيد الكيلاني أوّلاً ثُمّ لاحِقاً مع أمين الحُسيني مُفتِي القُدْسِ وكلاهُما، أيْ الكيلاني والحُسيني، مِن الكارِهِينَ لِبريطانيا والعاشِقينَ لِهِتلر وخِطاباتِهِ النّاريّةِ والتّحَرّريّة! أمّا هِتلر فَلَمْ يَكُنْ فِي غايَتِهِ إلاّ السّيطَرةَ على حُقولِ النِّفْطِ والآبارِ خاصّةً فِي الشّمالِ كما كُتِبَ ودُوِّنَ فِي العُقودِ الأوّليّةِ "المسْوَدّةِ" التي وُضِعَتْ فِي الدُّرْجِ وكانَتْ لِتُوَقَّعَ بَعدَ نَجاحِ إنْفِلابِ الكيلاني ودُخولِ القُوّاتِ الألمانيّةِ مِن شَمالِ العِراقِ. وَحَصَلَ الكيلاني مِن "زَعيمِهِ" هِتلَر على دَعْمٍ مالِيٍّ كبيرٍ "هَديّةٍ ضَخْمَةٍ" وبَعْدَ أشْهُرٍ قَليلةٍ، حَصَلَ الحُسَيْنِي على مِثْلِها مِن أجْلِ "تَحْريرِ فِلِسطينَ والقُدْسِ" مِنَ البِريطانيّينَ واليَهُود!!! عُموماً، هِيَ الأقْدارُ وهُوَ النِّفاقُ وهِيَ الخِيانَةُ وهِيَ العُقُولُ! ثُمَّ فَشِلَ إنقِلابُ الكيلاني لِصمودِ الجَّيْشِ العِراقِيِّ وقُوّتِهِ وقُوّةِ الجَّيْشِ البِريطانِيِّ الي سانَدَهُ ودارَتْ مَعارِكَ هُنا وهُناكَ و "إللي هَرَب هَرَب وإللي ضَرَب ضَرَب" وأسْتَقَرَّ الأمْرُ لِلوَصِيِّ عبد الإله الذي كانَ وَصِيّاً على العَرْشِ لِصِغَرِ سِنِّ الأميرِ فيصَل الثّانِي -- الذي أصْبَحَ فيما بَعْدُ مَلِكاً حَبيباً للعِراقِ فِي سَنةِ 1953 لِيَسْكُنَ قُلُوبَ الصِّغارِ والكِبارِ سَوَاءٍ مِن مُعاصِريهِ أو الأجْيالِ اللاحِقَةِ ومَنْ وُلِدو بَعْدَ سِنينٍ وعُقودٍ، وأنا مِنْهُم. وهَرَبَ الكيلاني إلى إيرانَ ومِصْر ولُبْنانَ يَتَنَقَّل ويَتَسَوَّل ويَتَوَسَّل هُنا وهُناكَ، وطَبْعاً إلتقى بَعْدَ سَنَواتٍ بِعَبدِ النّاصِرِ لأنَّ الحَشَراتِ تُحِبّ أمْثالَهَا، وقُبِضَ على المتُآمِرينَ وأُعْدِمَ المُنَفِّذونَ مِنَ القادَةِ والضُبّاطِ، وكانَ إعْدامُهُم هُوَ نَواةُ الإنْتِقامِ مِنَ الوَصِيِّ عبد الإلهِ والتَّنْكيلِ بِجُثَّتِهِ عِنْدَ إنْهيارِ المَلَكيْةِ فِي الإنْقِلابِ المَشْؤومِ فِي 1958 مَعَ أنْهارِ الدِّماءِ والدُّمُوعِ التي سالَتْ حِينَها، وبَعْدَها، وإلى اليَوْمِ! وفِي حُزيرانَ مِن سَنَةِ 1941 وبَعْدَ فَشَلِ حَرَكَةِ الكيلاني فِي أيّارَ بَدَءَ الغَوْغاءُ والرُّعاةُ والإرْهابِيّونَ وعاشِقو هِتلر أعْمالَ قَتْلٍ وإغْتِصابٍ ونَهْبٍ وتَخْريبٍ ضِدَّ الأبْرياءِ مِن اليَهودِ مِن نساءٍ ورِجالٍ وأطفالٍ وعائِلاتٍ مِن أبْناءِ العِراقِ إنتِقاماً لِما حَدَثَ ورَدَّةَ فِعْلٍ لِفَشَلِ الإنْقِلابِ النّازِيِّ والذي لَوْ كُتِبَ لَهُ النَّجاحُ لَكَانَ كارِثةً سِياسيّةً وإجْتِماعِيّةً تَسْتَمِرّ لِسَنَواتٍ. وكانَ المُسْلِمونَ أو "بَعْضُ" المُسْلِمينَ مِنَ القَتَلَةِ يَجولُونَ الشّوارِعَ حامِلِينَ السّكاكينَ والسّيوفَ والسَّواطيرَ وهُمْ يَهْتِفُونَ بِقَتْلِ اليَهودِ الذينَ عاشو مَعَهُم لِسِنينَ يأكلونَ سَويّةً ويَفْرَحونَ ويَحْزَنونَ ويَعْمَلُونَ ويُساعِدونَ بَعْضَهُم ويَرْقُصونَ لأفْراحِ وأعْيادِ الوَطَنِ "الواحِدِ" يَداً بِيَدٍ!!! هُوَذا النِّفاقُ والشِّقاقُ الذي تَحَدَّثْتُ عَنْهُ!! وقُتِلَ يَهُودٌ بالعَشَراتِ وجُرِحَ المِئاتُ وتَمَّ نَهْبُ المِئاتِ مِنَ البُيوتِ والمَحَلاّتِ والدَّكاكينِ وصُدِمَ الجَّميعُ وخاصّةً المَسيحيّونَ واليَهودُ مِن تَغَيُّرِ الأقْدارِ ودَوَرانِ الأيّامِ ونُفوسِ البَشَرِ!! وهُنا جاءَتْ كَلِمَةُ "فَرْهُود" وهُوَ مُصْطَلَحٌ مَحَلِّيٌّ يُسْتَخْدَمُ فِي العِراقِ وبَعْضِ البِلادِ والمُجْتَمَعاتِ العَرَبيّةِ ويَعْنِي السَّرِقَةُ والنَّهْبُ والسَّلْبُ خاصّةً بإسْتِخْدامِ القُوّةِ أوالإرْهابِ أو الخِلْسَةِ أو الحِيلَةِ بِجَهْلِ وقِلّةِ أخْلاقِ السّارِقِ وَضَعْفِ وطِيبَةِ الضَحِيَّةِ أو المَسْروُقِ الذي يَعْجَزُ عَنْ الدِّفاعِ عَنْ نَفْسِهِ بِسَبَبِ الضَّعْفِ أو قِلّةِ الحِيلَةِ أو الصَّدْمَةِ أو مَحَبَّةِ السَّلامِ. ويُطْلَقُ على مأْساةِ الفَرْهودِ اليَوْمَ بالهولوكوستِ العِراقِيِّ، وهُوَ فِعْلاً كذلِك. وأُضِيفُ بأنَّ أعْمَالَ العُنْفِ والقَتْلِ والنَهْبِ والتَّهْجيرِ بِحَقِّ اليَهودِ لَمْ تَحْدُثَ فقط فِي العِراقِ بَلْ وأيْضاً فِي العَديدِ مِنَ الدُّوَلِ العَرَبيّةِ كمِصْرِ والجَّزائِرِ قَبْلَ وأثْناءَ وبَعْدَ الحَرْبِ العالَميّةِ الثّانيةِ. وبَعْدَ إنْتِهاءِ أعْمالِ العُنْفِ والغَوْغائيّةِ وإسْتِتْبابِ النِّظامِ فِي الشّوارِعِ والأزِقَّةِ ومُساعَدَةِ العُقَلاءِ والمُثَقّفينَ والشُّرَفاءِ مِنَ المُسْلِمينَ والمَسيحيّينَ "العِراقيّينَ" لِأخْوانِهِم مِنَ اليَهودِ "العِراقيّينَ،" إنْتَهى الأمرُ وعادَتِ المَحَبَّةُ وعادَ الوِئامُ لِيَكونَا الأساسُ فِي نَسيجٍ إجْتِماعِيٍّ يُحْسَدُ العِراقُ على ألْوانِهِ وجَمَالِهِ. وعاشَ الجّميعُ فِي سَلامٍ وإزْدِهارٍ خاصَّةً وأنَّ اليَهودَ العِراقيّينَ أصَرّو أنْ يَبْقو فِي بِلادِهِم وأرْضِهِم التي وُلِدو فِيها ودَرَسو فِيها وأحَبّوها وأسَّسو بُنيانَها وجَمالَها بالسّهَرِ والحُبِّ والمَشاريعِ وطائِلِ الأمْوالِ، ولَمْ يُهاجِرو إلى إسرائيلَ رَغْمَ التَّرْهيبِ مِن جِهَةٍ والتَّرْغيبِ مِن جِهَةٍ أُخرى. وكانَتِ تِلْكَ الفََتْرَةُ وحَتّى حَرْبِ 1948 فَتْرَةً جَميلَةًَ تَدْمَعُ عُيُونُ العِراقيّينَ عَليْها كُلَّما تَذَكّروها. لكِنَّ الأمْرَ تَغَيّرَ بَعْدَ حَرْبِ 1948 وهِيَ حَرْبُ "الكَضِيّةِ" أو القَضِيّةِ المَشْؤومَةِ التي "تاجَرَ" بِهَا أصْحابُها "الفِلِسطينيّونَ" قَبْلَ غَيْرِهِم!! وتَمَّ التّآمُرُ على يَهودِ العِراقِ وتَهْديدِهِم، وهُمْ لا ذَنْبَ لَهُم سِوى أنّهُم يَهودٌ يُحِبّونَ بَلَدَهُم الأُمّ "العِراقَ" ويَتَمَسّكونَ بِهِ. وهاجَرَ البَعْضُ ولا خِيارَ لَدَيْهِ وبَقِيَ جُلُّهُم رَغْمَ المُؤامَراتِ والتّهْديداتِ والإتّهاماتِ بالعَمالَةِ تارَةً والتَّجَسُّسِ تارَةً أُخْرى، ورَغْمَ المَشانِقِ والإعْداماتِ! والسَّماءُ تُراقِبُ والمَلائِكةُ تَنظُرُ وتَرْقَبُ الجَّوْرِ والظُّلْمَ، وكانَ بُكاءُ وصُراخُ الأبْرِياءُ يُسْمَعُ مِنَ الرَّبُّ، وجُرِّدَ العَديدُ مِنَ اليَهودِ مِنَ الجِنْسيّةِ العِراقيّةِ، وعلى ذلِكَ تَمَّ إرْغامُ الحُكومَةِ العِراقيّةِ، وهاجَرَ أكْثَرُ وأكْثَرُ لِلخَلاصِ، مِنْهُم مَنْ باعَ أمْلاكَهُ ومِنْهُم مَنْ تَرَكَ ومَن خَسِرَ. وعِنْدما جَلَسَ المَلِكُ الحَبيبُ فيصَل الثّاني على عَرْشِهِ والوَقْتَ قَد حَانَ، أقْسَمَ بأنْ يَبنِيَ عِراقاً جَديداً وقَويّاً يَعيشَ فيهِ الجَّميعُ سَويّةً بِرَخاءٍ ونَعيمٍ وأمَانٍ، وقالَها مِراراً لِعائِلتِهِ وخَطيبَتِهِ ومُربيّتِهِ وصَديقَتِهِ وشَعْبِهِ ومَنْ وَثِقَ فيهِم وأحَبَّهُم مِن عَشيرَتِهِ مِنَ الهاشِميّينَ وأبنِ عَمِّهِ الحُسَيْنِ والجّيرانِ. لكِنَّ العِراقِيّينَ لَمْ يَشْكرُو السّماءَ على هذا المَلِكِ الصّالِحِ وهذهِ النِّعْمَةِ وهذا العَطاءِ! وقَتَلوُهُ!!! وهُنا أقُولُ، أنا مُؤمِنٌ بأَنَّ الحُكوماتِ تُرِبِّيَ شُعوبَهَا كَما يُرَبِّيَ الآباءُ الأبْناءَ، والشُّعُوبُ تُشْبِهُ حُكَّامَهَا، مَثلاً، كانَ العِراقِيّونَ والعَرَبُ فِي سَنَوَاتِ المَلَكِيّةِ والمَلَكيّاتِ وقَبْلَ غَسْلِ عُقُولِهِم بالجَّهْلِ والنّازيّةِ والنّاصِريّةِ وكُلِّ هذهِ الأوْساخِ والأوْهامِ يَتَمَتّعونَ بالرُقِيِّ والثّقافَةِ والهُدُوءِ وحُبِّ القِراءَةِ والدِّراسَةِ والإطِّلاعِ والسَّفَرِ والبِناءِ وكُلِّ جَديدٍ ومُمْتِعٍ لِتَكونَ للحَياةِ ألوانٌ ويَكونَ للأيّامِ مَعْنى، لأنَّ المُلوكَ والأمَراءَ والأميراتِ كانو هكذا، والشُّعوبُ تُشْبِهُ حُكَّامَهَا، وكانَ للمَلِكِ الحَبيبِ فيصَل الثّاني، مَثَلاً، حُلماً وأحْلاماً فِي أنْ يَجْعَلَ العِراقَ أشْبَهَ بالمَمْلَكةِ المُتَّحِدةِ وأنْ تَكونَ بَغدادُ لَنْدَنَ الشَّرْقِ، وكان يُخَطِّطُ لِهذا كَما كانَ وهُوَ فِي أرشيفِ العِراقِ الذي أَحْرَقَ وزَوَّرَ وشَوَّهَ الكَثيرَ مِنْهُ المَعْتُوهُ عَبد الكريم قاسِم، لكِنَّ الأصْلَ مِنَ الوَثَائِقِ فِي أرشيفِ لَندَنَ وبَرلينَ. وبَعْدَ إنْقِلابِ مِصْر في 1952 وخَرابِ المَحْروسَةِ وبَدْءِ عبدِ النّاصِر فِي بَثِّ السُّمومِ والأوْهامِ بِخِطاباتٍ وأوْهامٍ وعَنْتَريّاتٍ فارِغَةٍ وبَعْدَ "عَويلِ" و "صُراخِ" و "أكاذيبِ" صَوْتِ العَرَبِ التي دَخَلَتِ البُيوتَ وشَوّهَتِ الآذانَ والعُقُولَ والقُلُوبَ العَرَبيّةَ، مُدَّ بِساطُ الدَّمِ الأحْمَرِ لِتَسيرَ علَيْهِ شَيَاطينُ الحُرُوبِ والإنْقِلاباتِ النّاصِريّةِ مِن مَكانٍ لآخرَ وبِلادٍ لِأُخْرى ومِنْها العِراق، فَكانَ الإنقِلابُ المَشْؤومُ وحُكْمُ العَسْكَرِ، فأصبَحَ العِراقيِونَ والعَرَبُ أكْثَرَ عُنْفاً وسَريعِي الغَضَبِ ويَكْذِبونَ ويَسْرِقونَ ويَتَحايَلونَ على أنْفُسِهِم وغَيْرِهِم ولا يَثِقُونَ بِبَعْضِهِم البَعْضِ ويُنافِقونَ فِي حَيَاتِهِمُ اليَوْميّةِ لأنَّ الحُكّامَ بَعْدَ الإنْقِلاباتِ هُمْ هكذا، والشُّعوبُ تُشْبِهُ حُكَّامَهَا. وفِي السّبعينيّاتِ عادَ العِراقِيّونَ لِيَكونُو أكثَرَ إنْفِتاحاً وثَقافَةً وعِلْمَاً وحُبَّاً للحَياةِ والإزْدِهارِ لأنَّ الحُكّامَ حينَها، رَغْمَ الإعْداماتِ والحَديدِ والنّارِ، أحَبُّو الإنْفِتاحَ والرَّخاءَ والتَّمَتُّعَ بالحَياةِ، والشُّعوبُ تُشْبِهُ حُكّامَهَا، ولا نَنْسى، بأنَّ فِي كُلِّ هذهِ الأزْمانِ وحَتّى عامِ 1979 كانَ الشَّرْقُ والعَرَبُ فِي شَيءٍ مِن الإنْفِتاحِ والإزْدِهارِ والرَّخاءِ وجَمَالِ الحَيَاةِ -- فِي شَرْقِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَلالِي إيرانَ فِي قُوَّتِهِم رَغْمَ المُحاوَلاتِ -- ومَلالي إيرانَ، فِي سالِفِ الزَّمانِ، أرادو ويُريدونَ خَفْضَ تِعْدادِ العَرَبِ إلى النِّصْفِ بالقَتْلِ والحُرُوبِ والفِتَنِ والحُرُوبِ الأهْليّةِ، وزِيادَةَ تِعْدادِ الفُرْسِ إلى الضِّعْفِ بِغَزْوِ البِلادِ سِياسيّاً وثَقافيّاً وإجْتِماعيّاً وعَسْكَريّاً! وكانَ لِحُكّامِ إيرانَ مِفتاحٌ "هُوَ الماستَر كِي" الذي فَتَحَ لَهُم أبْوابَ وقُلُوبَ الجُهَلاءِ والجُّهّالِ مِنَ الشّيعَةِ "المُسْلِمينَ" وهذا المِفْتاحُ هُوَ مَظْلوميّةُ الزَّمانِ وكَلِمَةُ "الحُسَيْن!!" لكِنْ لِماذا الإمامَ الحُسَيْنِ ولَيْسَ أخوهُ الحَسَنُ إبْنُ عَلِيٍّ وفاطِمَةَ والحَفيدُ المُباشِرُ للنَبِيِّ مُحَمَّدٍ أو أخٌ أو شَقيقٌ آخَرُ مِن أبْناءِ عَلِيٍّ الكُثُرِ؟؟ وهُنا لَنْ أتَحَدّثَ عَن "حَقيقَةِ" ما حَدَثَ فِي العِراقِ أو كربَلاءِ أو دِمَشْقَ أو ما حَدَثَ مَعَ الدّولَةِ الأمَويّةِ وما لِ "حَقيقَةِ" القِصَّةِ والأحْداثِ مِنْ حَقائِقٍ ومُفاجَآتٍ تَمَّ تَزْويرُها وتَغْييرُها لِتَكونَ مأساةً وقَطْعَاً للرُّؤوسِ وسَبْيَاً للنِّساءِ والأطْفالِ وخِطاباتٍ عاطِفيّةٍ وبُطولاتٍ شَوَّهَتْ تأريخَ آلِ البَيْتِ والمُسلِمينَ والذينَ لَهُمْ مِنِّي كُلُّ التَّقْديرِ والإحْتِرامِ. لكِنِّي سأُبَيِّنُ أنَّ الإيرانيّينَ وأحْفادَ فارِسَ "وهُنا أتَحَدّثُ تَحْديداً عَنْ عِماماتِ إيرانَ ومَنْ حَكَمَ مُنْذُ 1979 وهِيَ السَنَةُ المَشْؤومَةُ وشُؤْمُهَا على الإيرايّينَ والعَرَبِ على حَدِّ سَوَاءٍ" لَيْسَ فِي قُلُوبِهِم فيمَا يَتَعَلّقُ بالعِراقِ والعَرَبِ إلاّ الإحْتِقارَ والأحْقادَ والرَّغْبَةَ فِي الإنْتِقامِ لِتأريخٍ وهَزائِمٍ بَعيدةٍ وقَريبَةٍ دَوَّنَتْها الكُتُبُ فِي الشَّرْقِ والغَرْبِ. ونَحْنُ نَعْلَمُ أنَّ تَزْويرَ التأريخِ والكُتُبِ والمَخْطوطاتِ هِيَ عَمَليّةٌ مٌعَقَّدةٌ ودقيقَةٌ صُرِفَتْ وتُصْرَفَ علَيْها الأمْوالُ الطّائِلَةُ لِتَكونَ حَقائِقَ أُخْرى بأحْداثٍ مُخْتَلِفَةٍ تَسْكُنَ فِي عُقولِ الجُّهالِ والجُّهَلاءِ مِنَ البَشَرِ والأجْيالِ! وفِي هذا أقُولُ... أمّا قِصّةُ الحُسَيْنِ وإخْتيارُهُ فَلَهُ سِرٌّ تأريخيٌّ غابَ عَنِ الكِتاباتِ وحَقيقَةٌ غُيِّبَتْ فِي كثيرٍ والكَثيرِ مِنَ الكُتُبِ، وهِيَ الأميرَةُ الفارِسيّةُ "شهربانو" أو "شهربانويه" إبْنَةُ آخرِ أكاسِرةِ الفُرْسِ يَزْدَجَرْد -- وكانَتْ تِلْكَ الأميرَةُ الفارِسيّةُ زَوْجَةً للحُسَيْنِ إبْنِ عَلِيٍّ الذي تَزَوَّجَها وأنْجَبَتْ مِنْهُ ولَهُ إبْنَهُ عليّ زَيْن العابِدِين، فَقالَ حينَها "أنا إبْنُ الخِيرتيْنِ،" مُشيراً إلى قَوْلِ جَدِّهِ الذي قالَ "للّهِ تَعَالى مِنْ عِبادِهِ خِيرَتانِ: مِنَ العَرَبِ هاشِم ومِنَ العَجَمِ فارِس!" إذَنْ، يا سَادَة، الأمْرُ هُوَ تأريخٌ فارِسِيٍّ وتَمْجيدٍ لآلِ فارِسَ، ولا عِلاقَةَ للعِراقِ والعَرَبِ بِكُلِّ فُصُولِ الجَّهْلِ واللَّطْمِ والأحْزانِ والطّائِفيّةِ التي أثارَتِ الحُرُوبَ والقَتْلَ والفِتَنَ لِدُهُورٍ وعُصُورٍ دُونَ أنْ يَسْألَ الكَثيرُ مِنَ الجُّهَلاءِ أو القَليلُ مِنَ العُقَلاءِ لِمَ ولِماذا؟! وأُكْمِلُ لأقولَ...، كانَ عامُ 1979 عامَ الفَصْلِ بَيْنَ العُصُورِ المُلَوَّنَةِ وبَيْنَ الحُرُوبِ والإغْتِيالاتِ والإضْطِراباتِ المُجْتَمَعيّةِ، وأصْبَحَ عامُ 1979 عِندَ الكَثيرينَ مِن عُلَماءِ الإجْتِماعِ والمُخْتَصِّينَ بِهِ، وأنا مِنْهُم، هُوَ عامُ العَدِّ التَنازُلِيِّ لإزْدِهارِ الكَثيرِ مِنَ دُوَلِ الشَّرْقِ ورَخاءِ الأيّامِ والسِّنينَ، وعامٌ بَدَءَ فِيهِ إنْشاءُ مُجْتَمَعاتٍ تُؤمِنُ بالعُنْفِ وال "العَنْتَريّاتِّ،" وإلى يَوْمِنا...! واليَوْم... ومُنْذُ إنْهِيارِ الجَّسَدِ والرُّوحِ فِي 2003 وإحْتِلالِ إيرانَ لِلعِراقِ وتَنْصيبِ الغَوْغاءِ والمِعْدانِ على حُكْمِهِ، إنْهارَ كُلُّ ما هُوَ راقٍ وأصيلٍ وجَميلٍ، فالمالِكِي يُدْخِلُ إصْبَعَهُ فِي أنْفِهِ أمامَ النّاسِ والكاميرا، فَيَضحَكَ النّاسُ عَلَيْهِ وعلىيْنا! والجَّعْفَرِي "يُونس شَلَبي العِراقِ، مَعَ الإعْتِذارِ لِروحِ الفَنّانِ المَحْبُوبِ" يَتَحَدّثُ عَشْرَ ساعاتٍ دُونَ أنْ يَقولَ شَيئاً ما، فَيَضحَكَ النّاسُ عَلَيْهِ وعلىيْنا! والعبادِي يُحاوِلُ جاهِداً ولِساعاتٍ أنْ يَربِطَ ويُمْسِكَ بَنْطَلُونَهُ أمامَ النّاسِ والكاميرا لِيَمْنَعَهُ مِنَ "الإنْزِلاقِ" دُونَ جَدْوى، فَيَضحَكَ النّاسُ عَلَيْهِ وعَلىيْنا! وحَنان الفَتْلاوي تُنافِسُ علي بابا فِي نَهْبِهِ وسَرِقاتِهِ! وعالية نصيّف "تُوَلْوِلُ" وتَصْرُخُ وتَعْرِضُ بَضائِعَ البَرلَمانِ ولَياليهِ وهَمَسَاتِهِ، وتُخْطِئُ حتّى فِي كِتابَةِ إسْمِهَا، فَيَضحَكَ النّاسُ عَلَيْهَا وعلىيْنا!! والشُّعوبُ تُشْبِهُ حُكّامَهَا! وأصْبَحَ السِّلاحُ فِي أيّامِنا جُزءاً مِنَ أثاثِ البَيْتِ، والرَّجُلُ لا تَكْتَمِلَ رُجُولَتَهُ إلاّ بِسِلاحٍ في خَصْرِهِ!! ولا تَكْتَمِلَ أُنوثَةُ المَرْأةِ إلاّ بِلِسانٍ سَليطٍ فِي فَمِها -- بَعْدَ أنْ كانَ سِلاحُ الرَّجُلِ فِي عُصُورِ المَلَكيّاتٍ الذّهَبيّةِ هُوَ المُوسِيقى والكِتابُ والسَّفَرُ والتِّرْحالُ، وسِلاحُ المَرْأةِ هُوَ العِلْمُ والثَّقافَةُ والأُنوثَةُ والجّمَالُ -- وهُنا أتَحَدَّثُ عَنِ الجّمَالُ الطّبيعِيِّ، أو فِي أقَلِّ تَقْديرٍ، كانَ سِلاحُ الإثْنَيْنِ مِنَ النِّساءِ والرِّجالِ فِي المَلَكيّاتِ هُوَ الهُدُوءُ وراحَةُ البَال. هِيَ الشُّعوبُ وهِيَ حُكوماتُهَا: المَلِكُ الطَيّبُ فيصَل الأوّل الذي أسَّسَ البُنيانَ لكِنّ العِراقِيّينَ أحْزَنوهُ وأتْعَبُوهُ فَكَتَبَ فِي وَصيّتَهُ أنَّ طَوائِفَ العِراقِ ومَنْ على أرْضِهِ مِن شيعَةٍ ومِلَلٍ ومَذاهِبٍ يَمْلأُ قُلُوبَهَم النِّفاقُ، وأنَّ السّيْطَرَةَ عليْهِم مِنَ المُعْجِزاتِ! والمَلِكُ غازي الذي أحَبَّ هِتْلرَ فَعادَى البِريطانيّينَ بإذاعاتِهِ وكلِماتِهِ لِيُحَبَّهُ الكَثيرُ مِنَ العِراقيّينَ وهُمْ للإنجليزِ الذينَ أدْخَلوُ الرُّقِيَّ والعِلْمَ للعِراقِ كارِهونَ! والوَصيُّ عبد الإلهِ الذي بَنَى جَيْشاً قويّاً لكِنَّ العَداءَ مَعَ القَوْميّينَ والخَوَنَةِ كانَ لَهُ بالمِرْصادِ! أمّا فيصَل الثّاني فكانَ الرُّقِيُّ والطّيبَةُ لَهُ سِمَةٌ وسِمَاتٌ، فأحَبَّهُ المَلايينَ مِنْ أهْلِ العِراقِ والعَرَبِ والغَرْبِ ومَلائِكَةُ السّماواتِ، وتَعِبَتْ يَدُاهُ مِن البِناءِ والإعْمارِ والمَشاريعِ والبُحَيْراتِ، والثِّرْثارِ والصّناعَةِ والزّراعَةِ والحَدائِقِ والرِّحابِ والزُّهورِ والجّامِعاتِ، لكِنّ غَوْغاءَ العِراقيّينَ فِي شَبَابِهِ قَتَلوُهُ، فَقَتَلوُ مَعَهُ العِراقَ وأذَلّوُهُ!! وبَدَءَ حُكْمُ الخَوَنَةِ والعَسْكَرِ، عبد الكريم قاسِم والمُعْجَبينَ بِهِ والتّابِعينَ لَهُ مِنَ الغَوْغاءِ، الذي سَرَقَ كُلَّ المَشاريعِ التي تَمَّ تَصْميمِها فِي عَهْدِ المُلُوكِ والأُمَراءِ، لكِنَّ إسْمَ قاسِمَ على المَشاريعِ والوَرَقِ بالتَّزْويرِ نُقِشَ وكُتِبَ!! كَمَا صَنَعَ عبدُ النّاصِرِ فِي مِصْر فَسَرَقَ أو "حاوَلَ" سَرِقَةَ أمْجادِ المَلِكِ فارُوق!! وحَكَمَ عبدُ السّلام عارِف وكانَ دُمْيَةَ عبدِ النّاصِرِ وخادِمَهِ غَيْرَ الشَّريفِ! ثُمَّ أخوُهُ عبدُ الرّحمن عارِف الطّيّبُ القَلْبِ لكنّهُ خائِفٌ وضَعيفٌ. وأحمد حَسَن البَكِرُ الذي حَكَمَ السّبعينيّاتِ وجَعَلَ مِنْها عَقْدَ سَعادَةٍ وجَمالٍ وهُدُوءٍ ورَخاءٍ تَوَفَّرَ فِيها كُلُّ شَيءٍ وأوَّلُهَا الرَّغيفُ. لِنَصِلَ إلى صدّام حسين... الذي إحتارَ فِي أمْرِهِ التأريخُ والزّمانُ إحْتارَ، وإحْتارَ فِي أمْرِهِ قَادَةُ العَرَبِ وأرْتَعَبُو مِنْهُ ولَمْ يَفْهَمُوهُ، فَهُوَ رَغْمَ خَلْفِيَّتِهِ الرِّيفيَّةِ والقَبَلّيّةِ التي أساسُهَا القُوَّةُ والحَزْمُ والقَسْوَةُ العَشَائِريَّةِ إلاّ أنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ هذا وذاكَ وبَيْنَ التَمَدُّنِ والثَّقافَةِ وهِيَ ثَقافَةُ الكُتُبِ التي ذابَ فِيهَا لِسِنَواتٍ، فأصْبَحَ شَخْصِيَّةً فَرِيدَةً بِحُضُورٍ لافِتٍ وصَوْتٍ مُمَيَّزٍ وكاريزما خاصَّةٍ جَعَلَتْ مَنْ عَرَفُوهُ إمَّا أنْ يُعْجَبُو بِهِ ويَحْسِدُوهُ، ورُبَّمَا يُحِبُّوهُ، وإمَّا أنْ يَخَافُوهُ ويَغَارُو مِنُْهُ ومِنْ شَعْبِيَّتِهِ ورُبَّمَا وَدُّو أيْضَاً التَّخَلُّصَ مِنْهَ...!! فَقَدْ حارَبَ مَلالِي إيرانَ وكَسَرَ أُنوفَ فارِسَ وأحْزابَ الخَرابِ والدَّمَارِ، وكانَ شُجاعٌ حازِمٌ عادِلٌ قارِئٌ ماكِرٌ أنيقٌ وَسيمٌ وفيهِ وَقَارٌ...، وعُنوانُ العِراقِ فِي سَنَواتِ حَرْبِهِ على عِماماتِ طَهْرانَ كانَ السّيادَةُ والهَيْبَةُ والحِفاظُ على ما "تَبَقَّى" مِنَ الأمَلِ، فَحَمَى العِراقَ والعَرَبَ مِن ثَعابينِ الظَّلامِ وأنْفاقِ الجَّهْلِ، وكانَتْ المُخَدَّراتُ فِي زَمانِهِ لا وُجودَ لَهَا إلاّ ما قَلَّ ونَدَرَ، ولا وُجُودَ للفَسادِ الإدارِيِّ أو الحُكومِيِّ إذْ أنَّ عُقوبَةِ الإعدامِ كانَتْ لِتُجّارِ المُخَدّراتِ والمُدَراءِ والوُزَراءِ الفاسِدينَ والسُّرّاقِ بالمِرْصادِ، وهذا مِنَ الأسبابِ التي جَعَلَتِ المَلايينَ مِنَ العِراقيّينَ، ولا زالُو، يَتَرَحّمونَ عَليْهِ، وأسْبابٍ أُخْرى، أهَمُّها إنْحطاطُ مَنْ جاءَ بَعْدَهُ مِنْ الحُكّامِ وهُمْ اليَوْمَ فِي نَظَرِ المَلايينِ فِي العِراقِ والعالَمِ مِنْ حُثالاتِ البَشَرِ. والعَرَبُ "بَعْدَ مَوْتِهِ وإنْهيارِ بَوّابَةِ الشَّرْقِ" عَرَفُو قِيمَةَ ما صَنَعَ عِندما تَسَلَّلتْ عِماماتُ إيرانَ إلى بِلادِ العَرَبِ وَشَوّهَتِ المُجْتَمَعاتِ فِي العِراقِ وسُوريةَ ولُبنانَ واليَمَنَ وحاوَلَتْ فِي البَحْريْنَ والخَليجِ. لكِنَّ هذهِ مِنْ مَصَائِبِ العَرَبِ والأقْوَامِ، فَهُمْ يَقْتُلونَ مُلوكَهُم والرُّؤسَاءَ وبَعْدَ عُقودٍ يَتَباكونَ عَلَيْهِم ورُبَّمَا يَبْكُونَ!! وبَعْدَ أنْ إنْتَهَتِ المَلالِي مِن دَمارِ إيرانَ والعِراقَ وقَتْلِ الشَّبابِ والشّابّاتِ المُحِبّينَ للحُريّةِ والخَلاصِ، وأثارَتْ ما أثارَتْ مِن فِتَنٍ وقَتْلٍ وخَوْفٍ وحُزْنٍ ودَمَارٍ وفَقْرٍ هُنا وهُناكَ فِي البيئَةِ والمُجْتَمَعاتِ، كانَتْ عَيْنُ إيرانَ بَعْدَ الخَليجِ على أفريقيا والمَغْرِبِ العَرَبِيِّ ومِصْر المَحْروسَةِ -- وكانَتْ على وَشَكِ أنْ تَنْجَحَ فِي أنْ يَكونَ لَها وُجُودٌ أثْناءَ حُكْمِ الإخْوانِ بَعْدَ ثَوْرَةِ يَنايِر 2011 فِي إتّفاقٍ ولِقاءٍ شَيْطانِيٍّ تَحْتَ الأرْضِ مَعَ إرْهابِيِّ حَماسَ بِرِعايَةِ وأمْوالِ إحْدى دُوَلِ الخَليجِ وفَضائِيّاتِهَا الإرْهابيّةِ -- لَوْلا عِنايَةَ اللهِ الذي أحَبَّ مِصْرَ وكَتَبَ عَلَيْها ولَهَا فِي 2013 السَّلامَ والأمَانَ والرَّخاءَ، ودَعَتْ لَهَا أُمُّنا العَذْراءُ مَرْيَم بالمَحَبَّةِ والنَّمَاءِ، عِندَما عاشَتْ فِيها مَعَ الرَّبِّ ويوسُفِ القِدِّيسِ والأقْرِباءِ، ولَوْلا قُوّةَ شَعْبِ وجَيْشِ وأزْهَرِ وكَنيسَةِ مِصْر المُحِبِّينَ للوَسَطيّةِ الدِّينيّةِ والحَياةِ والفَرَحِ والإسْتِقْرارِ وراحَةِ البالِ والصَّفاءِ. ورَغْمَ أنَّ صَدّامَ حَمَى العَرَبَ مِن شَرِّ إيرانَ وسُمُومِها وهُوَ أمْرٌ يَجْعَلُ المَلايينَ مِنَ العَرَبَ يُقَدِّسونَهُ لِسَنَواتٍ وعُقُودٍ، غَيْرَ أنَّ إحْتِلالَ الكُوَيتِ كانَ ولا يَزالَ لِصدّام حسين خَطَأٌ جَسيمٌ فِي حَيَاتِهِ السّياسيّةِ، مَهْمَا كانَتْ أسْبابُهُ وما سَبِقَهُ مِن "فِخاخٍ" ومُؤآمَراتٍ مِنْ "بَعْضِ" حُكّامِ العَرَبِ -- كَما ذُكِرَ فِي مَلَفّاتِ الغَرْبِ ومُخابَراتِهِ فِي تَآمُرِ بَعْضِ العَرَبِ والشُّيُوخِ بأمْرِ مُباشَرٍ مِنَ البَيْتِ الأبْيَضِ الذي غَذّى فِي قُلُوبِهِم الخَوْفَ والرُّعْبَ مِنْ صَدّام حسين الذي كانَ فِي قُوَّتِهِ ونَشْوَتِهِ، وذُكِرَ أيْضَاً فِي أسْرارِ الوزيرِ طارِق عَزيز رَحِمَهُ اللهُ "غَيْرِ المُعْلَنَةِ" التي سَلَّمَها وأوْصَلَهَا لِأحَدِ أصْدِقائِهِ مِنْ صَحَفِيِّ المانيا قَبْلَ وَفاتِهِ، وكانَ طارِق عَزيز مِنَ القِلَّةِ الرَّاقِيَةِ والمُثَقَّفَةِ التي وَثِقَ بِهَا صَدّام حسين وقَرَّبَهَا إلَيْهِ ومِن دائِرَةِ الحُكْمِ المُبَاشِرِ خاصَةً عَلى صَعيدِ الثَّقافَةِ والعِلاقاتِ الخارِجِيَّةِ والدُّوَليَّةِ، وكانَتْ للسَّيدِ عَزيز وَقَارٌ ومَكانَةٌ وإحْتِرامٍ حَقيقيٍّ عِنْدَ حُكُوماتِ الغَرْبِ، وكانَ هُوَ مُسْتَحِقَّاً لِهَذهِ المَكانَةِ. إذَنْ، كانَتْ "خَطيئَةُ" إحْتِلالِ الكُوَيتِ، والتي كانَتْ بِدايَةُ نِهايَةِ العِراقِ، خَطيئَةٌ قَدْ لا تُغْفَرَ لِصَدّامِ حسين "سِياسِيّاً" لأنّهُ، بِهذِهِ الزَّلّةِ التأريخيّةِ، فَتَحَ بابَ العِراقِ على مِصْراعََيْهِ لِتَدْخُلَ مِنْهُ خَفافيشُ الظَّلامِ وتَتَغَذّى على دِماءِ العِراقِيّينَ ودَمَارِ وادِي الرّافِدَيْنِ، وأعْطى عِماماتِ إيرانَ، بِعِنادِهِ، فُرْصَةَ عُمْرِهِم فِي الإنْتِقامِ مِنَ العَرَبِ والعِراقِيّينَ والسَّيْطَرَةِ على مَنْ يَستَطيعُونَ مِنْهُم، وإلى يَوْمِنَا! ومِن أخْطاءِ صَدّام الأُخْرى أنَّهُ أعْطى لِعائِلَتِهِ وإخْوَتِهِ القُسَاةِ والأشِدَّاءِ وبَعْضِ مَن أحَبَّهم ومَن وَثِقَ بِهِم "أو ظَنَّ مُخْطِئاً أنَّهُ يَستَطيعَ الوُثوقَ بِهِم" سُلْطاناً وقُوَّةً وأصْبَحُو عَلى رأْسِ الوِزَاراتِ السِّيادِيَّةِ، رَغْمَ تَعْلِيمِهِم المُتَوَاضِعِ أو المَعْدُومِ وثَقَافَتِهِم التي لا أساسَ لَهَا، فَكانُو عَليْهِ وعلى العِراقِ وَبَالاً ولَعْنَةً وكانُو مِنْ أسْبابِ سُقُوطِ الدَّوْلَةِ. والأمْثِلَةُ على هذا كَثيرَةٌ لكِنّي سأتَحَدّثُ عَن مِثالٍ كانَ حَقَّاً وَبَالاً ولَعْنَةً على العِراقِ وسَاهَمَ بِخُبْثٍ ودَهَاءٍ وغَباءٍ فِي نَفْسِ الوَقْتِ فِي تَدْميرِ وإضْعافِ حُكْمِ صَدّام حسين أو ما تَبَقّى مِنْهُ فِي عَقْدِ التِّسعينيّاتِ، وأتَحَدّثُ هُنا عَن زَوْجِ إبْنَتِهِ حسين كامِل، أو ما كانَ يُدْعَى ويُكَنّى سِرَّاً بَيْنَ الأوْساطِ السِياسيّةِ والعَسْكَريّةِ حِينَهَا ب "الزَّعْطُوط -- وتَعْنِي بالعَرَبيّةِ الطِّفْلِ أو الوَلَد لكِنَّها تُسْتَخْدَمُ للتَّحْقيرِ والتَّصْغيرِ" أو "التّافِهِ" أو ال "الأرْعَنِ" أو أحياناً ب "السَّرَطانِ" أو "الخَبِيثِ" كَمَا جاءَ فِي مُذَكّراتِ ضابِطِ مُخابَراتٍ المانِيٍّ وهُوَ اليَوْم مِن سَاسَةِ المانيا مِنَ الصَّفِّ الأوّل، والذي كَشَفَ فِي مُذَكّراتِهِ بأنَّ حسين كامِل كانَ خَبيثاً و "طامِعَاً" للغايَةِ، وأنَّ كامِلَ كانَ يُخَطِّطُ لِإغْتِيالِ صَدّامِ حسين بإطْلاقِ النّارِ علَيْهِ بِشَكْلٍ مُباشِرٍ وقَتْلِ وَلَدَيْهِ عُدَي وقُصَي والإستيلاءِ على حُكْمِ العِراقِ، تَحْديداً فِي مُنْتَصَفِ التِّسعينيّاتِ. ومِنْ جَرَائِمِ حسين كامِل الكُبْرَى "تَنْفيذُ الأَمْرِ الصَّعْبِ" والغَدْرُ والتَخَلُّصُ مِن أحَدِ أرْقى وِزَراءِ الدِّفاعِ فِي العِراقِ والعالَمِ العَرَبِيِّ والمُهَنْدِسِ الحَقيقيِّ للنَّصْرِ العِراقِيِّ على إيرانَ فِي حَرْبِ الثّمانينيّاتِ أو "القادِسيّةِ" وهُوَ الفَريقُ عدنان خيرالله، الذي كانَ قَريبُ صَدّام حسين وشَقيقُ زَوجَتِهِ ساجِدة خيرالله. ولَمْ يَكْتَفِي حسين كامِل بِهذا لكِنَّهُ ساهَمَ أيْضاً بِشَكْلٍ مُباشَرٍ فِي تَدْميرِ الجَّيْشِ العِراقِيِّ بِقَراراتٍ خَبيثَةٍ وغَبيَّةٍ لا أساسَ لَها وقامَ بالتَخَلُّصِ مِنَ المِئاتِ مِنَ القادَةِ والضُبّاطِ ذِي التأريخِ والكَفاءَةِ العَسْكَريّةِ، خاصَّةً وأنَّ الضُبّاطَ والجّنودَ فِي الجَّيْشِ العِراقِيِّ كانُو يَحْتَقِرونَ كامِل الذي تَمَّتْ تَرْقيَتُهُ بِلَمْحِ البَصَرِ إلى أعْلى المَرَاتِبِ العَسْكَريّةِ، فَقَط، لأنَّهُ زَوْجُ إبنَةِ الرَّئيسِ، وهُوَ، أيْ كامِل، المَشْكوكُ، حَتّى، فِي شَهادَتِهِ الإبْتِدائيّةِ!! وكانَ الفَريقُ عدنان خيرالله مِن مُحْتَقِرِي حسين كامِل ومُنْتَقِدِيهِ وبِشَكْلٍ عَلَنِيٍّ. وكانَ خيرالله، الرَّجُلُ القَوِيُّ والخَلُوقُ، خاصّةً فِي أوْسَاطِ الجَّيْشِ، يَتَمَتّعُ بِحُبِّ وإحْتِرامِ الضُبّاطِ والقادَةِ، وكانَتْ شَعْبِيَّتُهُ بَيْنَ النّاسِ، خاصّةً بَعْدَ إنْتِصارِ العِراقِ على إيرانَ فِي 1988، تَفُوُقُ شَعْبِيَّةَ صَدّام فِي أوْسَاطِ الجّيْشِ القَوِيِّ والشَّعْبِ المُنْتَصِرِ، وهذا ما جَعَلَ فِي قَلْبِ صَدّام بَعْضَ الإسْتِياءِ والسُّخْطِ، ورُبَّمَا الغِيرَةِ أو الخَوْفِ مِنْ الأقْدارِ والإحْتِمَالاتِ، خاصَةً بَعْدَ خِلافاتٍ عائِليَّةٍ تَتَعَلّقُ بِالزِّيجاتِ وصِراعاتِ النِّسَاءِ! وَبَعْدَ قَتْلِ عدنان خيرالله فِي سَنَةِ 1989 بِإسْقاطِ طائِرَتِهِ فُتِحَتْ أبْوابُ الوِزاراتِ والمُؤسَّساتِ أمامَ حسين كامِل بِدَعْمٍ مُباشَرٍ مِنْ صَدّام حسين وسَيطَرَ لاحِقاً على الكَثيرِ مِنْهَا بِخُبْثٍ وقَبْضَةٍ حَديديّةٍ، وتَسَلَّلَ كالأفْعَى إلى الجَّيْشِ الذي كانَ يُعانِيَ الغَضَبَ والحُزْنَ والصَّدْمَةَ والكَثيرَ مِنْ عَلاماتِ الإسْتِفْهامِ لِفُقْدانِ قائِدِهِ القَوِيِّ والمَحْبُوبِ خيرالله. وقَدْ حاكَ حسين كامِل الكَثيرَ مِنَ المُؤآمَراتِ مِنْها ما نَجَحَ ومِنْها ما أُسْقِطَ أو فَشِلَ حَتّى هُرُوبِهِ إلى الأُردُنِ "بَعْدَ إكْتِشافِ مُؤآمَرَتِهِ بالصُّدْفَةِ" وَسَلَّمَ حِينَها كُلَّ أسْرارِ الجَّيْشِ العِراقِيِّ والحَرَسِ الجُّمْهُورِيِّ المَعْرُوفِ بِقُوَّتِهِ والتَّصْنيعِ العَسْكَرِيِّ والإسْتِخْباراتِ العِراقيّةِ إلى المُخابَراتِ الأمريكيّةِ، والتي "ساعَدَتْ" بِشَكْلٍ أو بِآخَرَ فِي هَزيمَةِ الجَّيْشِ العِراقِيِّ وإحْتلالِ بَغدادَ فِي ساعاتٍ مَعْدُوداتٍ خِلالَ غَزْوِ العِراقِ بَعْدَ سَنَواتٍ، والتي كانَ الحَسْمُ فِيها مَعْرَكَةُ المَطَارِ التي أُضْطُرَّ فِيها الجَّيْشُ الأمريكيُّ إلى إسْتِخْدامِ الأسْلِحَةِ الكيميائِيَّةِ "الخَّاصَّةِ" بِسَبِ ضَرَاوَةِ المَعْرَكَةِ وصُعُوبَتِها خاصَّةً وأنَّ إحْتِلالَ بَغْدادَ كانَ مِنَ الصُّعُوبَةِ بِمَكانٍ لِقُوَّةِ الحَرَسِ الجُّمْهُورِيِّ وقِتالِهِ الشَرِسِ الذي أدَّى إلى مَقْتَلِ آلافِ الجُّنودِ والضُّبَّاطِ مِنَ الطَّرَفَيْنِ، وكانَ قُصي صَدّام حسين هُوَ القائِدُ المَيْدانِيُّ لِمَعْرَكَةِ المَطَارِ الكُبْرَى "كَمَا سُمِّيَتْ" وجاءَ ذَلِكَ ودُوِّنَ فِي أسْرارِ المُخَابَراتِ الألْمانيَّةِ والتي كانَتْ فِي أوْجِ نَشَاطاتِها فِي بَغْدادَ فِي ذَلِكَ الوَقْتِ! أُضِيفُ أنَّ ال سي أن أن وال بي بي سي والقَنَواتِ الخَليجِيَّةَ وغَيْرَها تَلَقَّتْ حِينَها الأوامِرَ بالخُرُوجِ مِن "دائِرَةِ التَّغْطِيَةِ!!" وهكذا، كانَ، حسين كامِل، الذي أفْشَى أسْراراً وأحْتَفَظَ بِأُخْرى، مِن أخْطاءِ صَدّام حسين القاتِلَةِ. أمّا أخْطاءُ صَدّام حسين الإجْتِماعيّةُ فَقَد كانَتْ مَنْحَ الحُريّةِ الكامِلَةِ إلى إبْنِهِ عُدَي والذي بِغُرورِهِ كَخَليفَةٍ مُحْتَمَلٍ سَبَّبَ لأبيهِ وأيْضَاً لِأخيهِ قُصَي الصُّداعَ وأحياناً الغَضَبَ الشَّديدَ والإحْرَاجَ سَواءً مَعَ المُحيطينَ أو العَشائِرَ الذينَ كانُو يَغْضَبُونَ لِتِلْكَ التَصَرُّفاتِ الصِّبْيانيّةِ والعُدْوانيَّةِ خاصّةً قَسْوَةَ عُدَي على الرِّجالِ والتَّحَرُّشِ بالنِّساءِ وفَتَياتِ الجّامِعاتِ اللَّوَاتِي كُنَّ أجْمَلَ النِّسَاءِ، وكانَ عُدَي يَفْعَلُ ما يَشَاءُ ودُونَ رادِعٍ أو رَقيبٍ، حَتّى تَمَّ "تَحْجِيمُهُ" أوَّلاً بِسَجْنِهِ بأمْرٍ مًباشَرٍ مِنْ أبِيهِ بَعْدَ أنْ قامَ بالإعْتِداءِ عَلى أحَدِهِم بالضَّرْبِ حَتّى المَوْتِ، ثُمَّ لاحِقَاً بِالإعْتِداءِ علَيْهِ بالرَّصاصِ لِيَهْدَأَ وتَهْدَأَ مَعَهُ الأُمُورُ. أمّا قُصَي، الإبْنُ القَويّ الهادِئ، فَقَد كانَ يُشْبِهُ أبَاهُ بِهُدُوءِهِ وشَجاعَتِهِ، وهُنَا عَلَيَّ أنْ أََضَعَ كَلِمَةَ هُدُوءٍ بَيْنَ قَوْسَيْنِ وخَطَّيْنِ! وكانَ قُصَي إذا عاقَبَ أحَداً ما عادَةً ما كانَ الحَزْمُ والقُوّةُ والسِّريّةُ أساسَ العِقابِ والثّوابِ، وهذا ما تَشابَهَ بِهِ أيْضاً مَعَ أبيهِ فِي التَّخَلُّصِ مِنَ الأعْداءِ أو الأعْداءِ "المُحْتَمَلِينَ" بِشَكْلٍ تامٍّ ونِهائِيٍّ، خاصَّةً إذا نَظَرَ إلى أحَدِهِم بِشَكْلٍ مُباشَرٍ فَوَجَدَ فِي عَيْنَيْهِ "نُقْطَةًً سَوْداءَ" وهذا، فِي لُغَةِ صَدّام وإبْنِهِ قُصَي، إشارَةٌ لِإحْتِمَاليّةِ الخِيانَةِ أو "التَّفْكيرِ" فِي التَّآمُرِ عَلَيْه...، وهذا ما جَعَلَ مَن سَمِعُو بِهَذا لاحِقَاً يَتَجَنَّبونَ النَّظَرَ إليْهِمَا بِشَكْلٍ مُباشَرٍ، وخاصَّةً صَدّام، خَوْفَاً مِنَ الأقْدارِ غَيْرِ المَحْسُوبَةِ ورُعْبَاً مِنْ نَظَرَاتِهِ الحَادَّةِ، ومِنْهُم الأقرباءُ والرُّؤسَاءُ والمَسْؤولونَ العِراقيّينَ والعَرَبُ، وبَعْضُ مَسْؤولِي الغَرْبِ، وهَذهِ حَقِيقَةٌ!! وعَلَيْهِ أمَرَ صَدّامُ بالبَدْءِ بِإعْدادِ قُصي فِي التّسعينيّاتِ لِيَكونَ خَليفَةَ أبيهِ والرَّئيسَ القادِمَ إنْ سَمِحَتِ الأقْدارُ بِهَذا، لكِنَّها لَمْ تَسْمَح. وهُنا، ولِلإنْصافِ التأريخِيِّ أقُولُ، أنَّ سِياسَةِ التّوْريثِ وسُلالاتِ الحُكْمِ العائِلِيِّ لَمْ تَقْتَصِرَ فَقَط عَلى العِراقِ، بَلْ كانَ ويَكُونُ مِنَ "الأعْرافِ" العَرَبيّةِ مُنْذ عُصُورٍ وأزْمَانٍ وأدْهارٍ ودُهُورٍ، حَتّى أصْبَحَ واقِعاً وقَدَراً تَقْبَلَ وتَرْضَى بِهِ الشُّعُوبُ العَرَبيّةُ كَما هُوَ الأمْرُ فِي سُورية وعائِلَةِ الأسَدِ أو ليبيا وعائِلَةِ القَذّافِي أو اليَمَن وعائِلَةِ صالِحٍ أو مِصْر وعائِلَةِ حُسنِي مُبارَك...، وباقِي بِلادِ العَرَبِ. وأحْياناً كانَ هذا التَّوْريثُ للأوْلادِ لا بأْسَ بِهِ ولا خَطَرَ على الشُّعُوبِ مِنْهُ خاصَّةً كَمِفْتاحٍ للإسْتِقْرارِ والأمانِ عَلى مَبْدَأ "مَنْ تَعْرِفهُ خَيْرٌ مِمَّنْ لا تَعْرِفهُ!!!" والأُمورُ تأْخُذُ مَجْراها والأحْداثُ تَتَغَّيرُ والزَّمانُ مِنَ العَرَبِ يَتَحَيَّرُ! لكِنَّ سُخْرِيَةَ الأقْدَارِ أنَّ الإنْقِلاباتِ العَسْكَريَّةَ التي أطاحَتْ بالمَلَكِيّاتِ والأوْطانِ والمُجْتَمَعاتِ الرّاقيَةِ ودَمَّرَتْ ما دَمَّرَتْ فِي الخمسينيّاتِ والسِّتينيّاتِ ومَا تَلاهَا كانَتْ أساساتُهَا وأسْبابُهَا أو "ما أُعْلِنَ للشُّعُوبِ السّاذَجَةِ" هِيَ التَّخَلُّصُ مِنَ حُكْمِ العائِلاتِ وسِياسَةِ التَّوْريثِ!!! إذَنْ، هِيَ الإنْقِلاباتُ، يا سَادَة، وهُوَ النِّفاقُ والكَذِبُ ورَقْصُ الإنْسانِ عَلى أنْغَامِ الشَّيْطانِ وإشْعالِ الحُرُوبِ والنّارِ، وهُوَ غَسْلُ العُقُولِ بِمَاءِ الجَّهْلِ والأكاذيبِ والتي أدَّتْ إلى الدَّمارِ! هِيَ العُلومُ السّياسِيّةُ، وهُوَ عِلمُ الإجْتِماعِ، وهُوَ عِلمُ الإجْتِماعِ السّياسِيِّ، وهُوَ عِلمُ النّفْسِ السّياسِيِّ، وهِيَ لَعْنَةُ الإنْقِلاباتِ التي تُلاحِقُ أصْحابَهَا، كَمَا حالُ العِراقِ والعَرَبِ، أو لَعْنَةُ الزَّمانِ والجَّهْلِ والنِّفاقِ والشِّقاقِ وعَدَمِ الرِّضَا بالمُلُوكِ والقادَةِ الصّالِحينَ، كَمَا حالُ العِراقِ والعَرَبِ، أو، كانَ ما كانَ وَلا يَزَال، لَعْنَةُ الخُمَيْنِيِّ والإسْلامِ "السّياسِيِّ" السُّنّيِّ والشِّيعِيِّ -- ومِحْوَرُ المُقاوَمَةِ!! ومَا أدْراكَ ما مِحْوَرُ المُقاوَمَةِ! هُوَ مِحْوَرٌ وإتِّحادٌ بَيْنَ الجَّهْلِ الدِّينِيِّ والإنْحِطاطِ الإجْتِماعِيِّ والغَبَاءِ السِّياسِيِّ والإرْهابِ الإعْلامِيِّ، لكِنَّهُ إتِّحادُ الشَياطينِ والأفاعِيَ والثَّعابينِ وأوْلادِ إبْليس، والأُمُّ تُدْعَى إيران، وفِي طَهْرانَ خَلِيَّةُ السَّرَطانِ، قَدْ يَغْدِرونَ بالصَّديقِ والحَليفِ والأهْلِ قَبْلَ العَدُوِّ فِي أيِّ وَقْتٍ وزَمانٍ، أو يَبِيعونَ أنْفُسَهُم لِأنْفُسِهِم، ولا أبَ لَهُم!! وهِيَ مُقاوَمَةٌ لِكُلِّ عِلْمٍ وبِناءٍ وفَرَحٍ ولِقاءٍ وسَلامٍ وإزْدِهارٍ -- بإخْتِصارٍ، هِيَ "مُقاوَمَةٌ" لِكُلِّ ما هُوَ مُسْتَقِرٍّ وراقٍ وهادِئٍ وجَميلٍ، لِتَكونَ إسرائيلُ "الدّيمقراطيّةُ الوَحيدَةُ فِي الشَّرْقِ" هِيَ العدُوُّ ولَيْسَ إيرانُ التي إسْتَوْطَنَتْ أوْطانَ العَرَبِ ورَفَضَتْ الرَّحيلَ، ولِيَكونَ "تَحْريرَ القُدْسِ" والشِّعاراتِ حَقائِقٌ ومَا هِيَ إلاّ أكاذِيبٌ تَوَارَثَها الشَّبابُ جِيلٌ بَعْدَ جِيلٍ -- والبُؤْسُ والفَقْرُ والعُنْفُ فِي إيرانَ والعِراقَ ولُبْنانَ وسُوريةَ وفِلِسطينَ واليَمَنَ وأفغانِسْتانَ خَيْرُ دَليلٍ. إذَنْ، هُوَ تَعْريفُ الدَّوْلَةِ الفاشِلَةِ. هذا، يا سَادَة، هُوَ مِحْوَرُ المُقاوَمَةِ!! فَهَل تَبحثُ عَن دَولةٍ فاشِلةٍ؟؟ الأمْرُ، يا صَديقِي، هَيِّنٌ وبَسِيطٌ، إجْمَعْ بين الدِّينِ والسِّياسَةِ!! وتَبْكِي الأزْمانُ والّليالِ العَرَبِيّةِ، من لَعْنَةِ الجُّغرافيا والعِمامَةِ الإيرانيّةِ...، حدّثنِي جَدّي عن بِلادٍ "كان" يفتخر بِها

........

 

بِقَلم: مازن لِن

حقوقُ الطّبعِ والنّشْرِ مَحفوظةٌ للكاتِب ©

2020

 

Copyright
www.mentor-mazin.com
© 2024 Mazin Linn. All rights reserved.
Copyright
www.mentor-mazin.com
© 2024 Mazin Linn. Alle Rechte vorbehalten.